للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما حكم ما سلف من الأحكام قبل العلم بالدليل. وفي رجوع الصحابة إلى كتاب عمرو ابن حزم (١) في دية الأصابع وترك ما قضى به عمر رضي الله عنه بارقة من ذلك. وهنا خطر في البال سؤال لاح في الخيال، هل يجوز العمل بالخطوط مطلقا أم لا، سانحة متمنة لا لميسرة ولا ميمنة فيما ورد في الحديث: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين ... إلخ " (٢) هل المراد سنتهم في اتباع هديه وسنته، أم المراد فيما سنوه فيما لم يكن فيه نص؟ فكيف إذا تعارضت عند الناظر كحديث كان الطلاق على عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلخ، ما المعتمد في ذلك وما عذر عمر رضي الله عنه فيما هنالك، جزاكم الله خيرا والسلام عليكم ورحمة الله، انتهى.

أقول هذا السؤال قد اشتمل على أبحاث:

الأول: سؤاله هل المصيب في الفروع واحد أم كل مجتهد مصيب. والجواب: إنه قد اختلف الناس في ذلك، فالجمهور قالوا بوحدة الحق وتخطئة من خالفه، وأن الله سبحانه لم يشرع لعباده في كل مسألة من مسائل الشرع إلا شيئا واحدا، فمن وافقه فهو المصيب، ومن خالفه فهو المخطئ، وقال الأشعري (٣) والباقلاني وابن سريج وأبو يوسف ومحمد إن كل مجتهد مصيب (٤).

واختلف هؤلاء فقال ابن سريج وأبو يوسف ومحمد إنه مصيب مع الأشبه، وهو ما لو حكم الله لم يحكم إلا به فمخطئه مصيب مخالف للأشبه، وربما قال بعضهم: إنه يخطئ في الانتهاء لا في الابتداء. وقال الأشعري والباقلاني: بل كل مجتهد مصيب مع عدمه إلى عدم الأشبه فجعلوا حكم الله تابعا لنظر المجتهد، فكل ما اجتهد فيه فهو حكم الله في


(١) تقدم تخريجه في الرسالة السابقة رقم (١) (ص ١٣٩).
(٢) تقدم تخريجه (ص ١٤٠).
(٣) انظر هذه الأقوال في مجموع فتاوى (١٩/ ٢٠٤) لابن تيمية، الرسالة (ص ٤٨٩)، جمع الجوامع (٢/ ٣٨٩).
(٤) انظر " مسألة تصويب المجتهد " أقوال العلماء وأدلتهم بتوسع " المسودة " (ص ٤٩٧، ٥٠١) تيسير التحرير (٤/ ٢٠٢) التبصرة (ص ٤٩٦) وما بعدها.