للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصخرة، إن العشرة، بل المائة لا يحملونها، ثم قل في قول القائل: إن الرغيف يشبع الرجلين، إنه لا يشبع الرجل!

وبالجملة: فترك العمل بفحوى الخطاب (١). الذي يقال له: «مفهوم الأولى» وقياس الأولى خروج عن دائرة لغة العرب بأسرها، ومخالفة لجميع العقلاء، وخرق لإجماع المسلمين، فإن النافين للقياس، وللعمل بالمفهوم لم يجسروا على ترك العمل بفحوى الخطاب.

فإن قلت: إذا كان الحكم بالعلم أرجح من الحكم بالظن كما قررته في هذا الكلام، فهل يقدم على الحكم السببه مجرد الظن فقط؟

مثلًا:

إذا شهد شاهدان عدلان على زيدٍ بأنه قتل عمدًا. أو أقرَّ زيدٌ بأنه القاتل لعمرو، والحاكم الذي وقع التخاصم الديه يعلم علمًا يقينًا أن القاتل لعمرو غير زيد. قلت: نعم يجب عليه وجوبًا مضيفًا أن يعمل بعلمه، ويترك العمل بشهادة الشاهدين، وإقرار المقر، لأنه هاهنا قد بطل الظن بالعلم، بل ثبت العلم ببطلان شهادة الشاهدين (٢)، وإقرار المقر، و «إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل» (٣).

وليت شعري ما يقول في مثل هذا من يقول: بأن الحاكم لا يحكم بعلمه؟ فإن قال: يحكم الحاكم بالشهادة التي قد علم بطلانها [٧أ]، أو الإقرار (٤) الذي قد تبين كذبه.


(١) انظر التعليقة السابقة.
(٢) سيأتي التعليق على ذلك.
(٣) قالوا: «إذا جاء سيل الله بطل نهر معقل».
نهر معقل: في البصرة، وقد احتفره ابن يسار في زمن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فنسب إليه.
يضرب في الاستغناء عن الأشياء الصغيرة إذا وجد ما هو أكبر منها، وأعظم نفعًا.
انظر: «الأمثال اليمانية» (١/ ٩٥). «الأمثال» للميداني (١/ ٨٨).
(٤) سيأتي التعليق على ذلك.