للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أجهدوا أنفسهم.

فما هو الموجب للرسل على هؤلاء الأمناء، مع كون لهم مزية العلم ونشره [٣ أ] والاشتغال به، بل غالب من يباشر هذه الأعمال منهم علماء مبرزون قد جمع الله لهم بين علوم الاجتهاد، وصاروا رؤساء في علم الكتاب والسنة بحيث أنه لا يوجد من يقاربهم فلاً عمن يشابههم، في أمناء الشريعة الذين كانوا مع من قبلنا، فإن غالبهم ملتحقون بالعامة. والنادر منهم، يعرف بعض مسائل الخصومة، خبطًا وجزافًا. وقد نالوا من المكاسب أضعاف ما ناله هؤلاء. وكانوا يأخذون على الأعمال، فوق ما يأخذه هؤلاء بكثير.

وهذا يعرفه كل منصف. ومع هذا فما ترسل عليهم أحد من العلماء المعاصرين لهم ولا من العلماء الموجودين الآن الذين أدركوهم.

فياليت شعري ما هو المخصص لهؤلاء المساكين، حتى صار تعلقهم بمثل هذه الأعمال الشرعية منكرًا، ولم بكتف بذلك حتى عيرو بما كانوا عليه من الفقر والحاجة التي خلصهم الله منها بمزيد سعيهم، وكثير تعبهم!!!.

فإن كانت تلك المزية التي امتازوا بها على غيرهم. وهي كونهم من نبلاء العلم وفحول رجاله، قد صارت عليهم مزرية، وانقلبت مطعنة، فالأمر لله العلي الكبير.

فإن قال قائل: إنه لا ينكر جوز دخولهم في مثل هذه المكاسب، ولا مانع لهم عن ذلك من شرع ولا عقل، ولكنهم يأخذون من الأجرة فوق ما يستحقونه [٣ ب] فأقول:

قد كان ينبغي ترك هذا التطويل والتهويل، وإنكار كون هذا المكسب مما يسوغ في الشرع، ويقال هؤلاء يأخذون فوق ما يستحقونه من الأجرة وحينئذ نقول: هاتوا من يشكو منهم بمثل هذه الشكاية، ويدعي عليهم مثل المظلمة، حتى نجمع بينه وبينهم في موقف الخصومة، ونأخذ الحق منه ونعاقبه بما يردع من يفعل مثل فعله.

ولست ممن يذهب إلى ما كان يذهب إليه أبو بكر الصديق- رضي الله عنه-، من أنه لا يقيد