للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من وزعته، ولا يقبل الطعن في أعوانه، مستدلاً على ذلك، بأنه قد لا يتم المضي في الحق، إلا ببعض الشدة في الأمر، وأن غالب الطباع قد ضربت بالنقم على من يلي أمور المسلمين، وسرى النقم عليهم إلى النقم على أعوانهم، وقد يكون غالب ذلك باطلاً.

وبهذا السبب أفضى الأمر إلى ما أفضى إليه في أيام عثما- رضي الله عنه- (١) تقدم تخريجه مرارًا.%، قد كانوا يعملون لرسول الله على الصدقات ونحوها، ويجعل لهم عمالة يعيشون بها، ويتصدقون بما فضل منها، كما ثبت ذلك في الصحيح. بل ثبت في الأحاديث الصحيحة (٢) أخرجه أبو داود في سننه رقم (١٥٨٨) بسند ضعيف.

من حديث جابر بن عتيك مرفوعًا بلفظ: «سيأتيكم ركب مبغضون، فإذا أتوكم فرحبوا بهم وخلا بينهم وبين ما يبتغون، فإن عدلوا فلأنفسهم وإن ظلموا فعليها، وأرضوهم فإن تمام زكاتكم رضاهم».%.


(١) انظر السيرة النبوية (١/ ٢٤٤ - ١٤٩).%. فإن قال قائل: في الناس من يعمل مثل عمل هؤلاء بغير مؤنة، ولا تكليف الخصوم الأجرة. فأقول: جزى الله خير الجزاء من أهدى إلينا مثل هؤلاء الرجال، إن وجدوا في هذا العالم الإنساني. وهيهات؛ فإن الصحابة الذين هم خير القرون
(٢) أخرج البخاري في صحيحه رقم (٧٠٥٢) ومسلم رقم (٤٥/ ١٨٤٣) من حديث ابن مسعود «أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها، قالوا يا رسول الله، فما تأمرنا؟ قال: تودون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم».
وأخرج مسلم في صحيحه رقم (١٨٤٦) والترمذي رقم (٢١٩٩) من حديث وائل بن حجر قال: «سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورجل يسأله فقال: أرأيت إن كان علينا أمراء يمنعون حقنا ويسألونا حقهم؟ فقال اسمعوا وأطيعوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم».%، أن أهل الأموال، كانوا يشكون إلى رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- من ظلم المصدقين، فيأمرهم رسول الله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، بأن يصيروا على ظلمهم. ويقول [٤ أ]: أعطوهم الذي لهم، واسألوا الله الذي لكم. وكان يأمرهم أن لا يرجع المصدقون إلا وهم راضون، وأن يكرموهم، إذا نزلوا عليهم