الجواب الثاني: إلزامه أن الصلاة حرام إذا ترك بها واجب، ورده أيضًا ابن الحاجب وشراح كلمة، أن الكعبي يلتزمه باعتبار. وصرح أيضًا بضعفه، ثم قال ابن الحاجب: فلا مخلص إلا بأن ما لا يتم الواجب إلا به من عقلي، أو عادي فليس بواجب. وارتضى هذا المخلص بعض شراح كلامه. وأنت تعلم أن مذهب الجمهور كم حكاه ابن الحاجب في مختصره، والسبكي في جمع الجومع (١) انظر «البحر المحيط»(٢/ ٢٨١).%، ولكنه قد شهد هو وشراح كتابه على الجمهور القائلين بوجوب العقلي والعادي بعدم إمكان تخلصهم عن قول الكعبي بعد اعترافهم بسقوط ذينك الجوابين الذين من جهد الجمهور [٢]. ولهذا ألزم الجمهور في مسألة مقدمة الواجب؛ لصحة قول الكعبي في نفي المباح، واعترف جماعة من محققهم بأن ما قاله الكعبي حق. قال السبكي في شرح المختصر: والحق عندنا أن ما لا يتم الواجب المطلق المقدور إلا به واجب مطلقًا. وأن ما قاله الكعبي حق باعتبار الجهتين انتهى.
وقال بعض المحققين بعد اعترافه بصحة قول الكعبي، وجعله متفقًا عليه ما لفظه: وأما عند توجهنا واشتياقنا إلى الحرام، وكنا نجد من أنفسنا أنا نفعل الحرام لو لم نشتغل بضده، فلا شك حينئذ أنه يجب علينا فعل المباح أو غيره، تحصيلاً لعلة الكف عن الزنا.
والجمهور لا ينكرون وجوب المباح مثلاً في هذه الصورة، بل يصرحون بذلك كما تشهد به كتب الفروع، مثلاً إذا كان شخص مع امرأة جميلة في بيت، وكان يجد من نفسه أنه لو لم يشتغل بضد الزنا لصدر منه الزنا، فلا شك أن الاشتغال بضد الزنا واجب
(١) (١/ ١٧٤٩.%، وغيرهما أن ما لا يتم الواجب إلا به،- من عقل، أو عادي- واجب، وهو الحق. فابن الحاجب وإن أمكنه التخلص على زعمه بهذا الواجب، لكونه قائلاً بوجوب الشرط الشرعي فقط، تبعًا لإمام الحرمين