على الكعبي لا يتم إلا بعد ثبوت الاتفاق عليه، وإلا كان من الرد بالمذهب.
ومن جملة الوجوه التي ذكرها المحقق ابن الإمام في رد مذهب الكعبي قوله: على أن التخيير في الوجوب بين الواجب والمندوب والمكروه والمباح، بين كل واحد منها ضد للحرام برفع حقيقة كل واحد منها، والجواب عنه، أما أولاً فبالنقض بالواجب المخير، وهو الجمهور من القائلين بعدم ارتفاع الوجوب عن جميع الأمور المخير فيها، بلك جعلوا الوجوب متعلق بالجميع، أو بالأحد المبهم، أو ما يفعله المكلف، أو معينًا عند الله، وعلى الجميع لم يرتفع الوجوب، والجواب الجواز.
أما ثانيًا فبالحل، وهو أن الذي وجب، وهو المبهم لم يختر فيه، وهو كل من المتعينات؛ لأنه لم يوجب معينًا، وإن كان يتأدى به الواجب. وتعدد ما صدق عليه أحدها إذا تعلق به الواجب، والتخيير يأبى كون الواجب والتخيير واحدًا، كما حرم واحدًا من الأمرين وأوجب واحدًا فإن معناه أيهما فعلت حرم الآخر، وأيها تركت وجب الآخر. والتخيير بين واجب بهذا المعنى جائز. إنما الممتنع التخيير بين واجب بعينه، وغير واجب بعينه. والحاصل أن التخيير بين واجب هو أحد المعينات من حيث هو [٤] أحدهما مبهمًا، وبين غير واجب هو أحدهما على التعيين من حيث التعيين لا يستلزم ارتفاع حقيقة الوجوب؛ لن هذا لا يوجب جواز ترك كل من المعينات على الإطلاق، بل جواز ترك كل معين من حيث التعيين بطريق الإتيان بمعين آخر، وأيضًا الحقيقة باقية بالنظر إلى ذات الفعل، والواجب أعني: ترك الحرام إنما هو باعتبار ما يستلزمه الفعل، ولو سلم ارتفاع حقيقة كل وحد لكانت حقيقة المباح مرتفعة، وهو مطلوب الكعبي. أما الملازمة فلأن المباح أحدها، وقد ارتفعت حقيقة كل واحد، وأما حصول مطلوب الكعبي فبانتفاء حقيقة المباح، وما هو جوابكم فهو جوابه.
وقد استحسن جماعة من المتأخرين ما أجاب به البرماوي في شرح ألفيته، وأشار إليه ابن الهمام في تحريره، وذكره ابن أبي شريف في حاشيته على جمع الجوامع، وهو قولهم: لا نسلم أن كل مباح يتحقق به ترك