«وقوله فعل المباح» قلنا: تركه له بخصوصه أو ترك له مع غيره والأول يلزم منه كون الفعل واجبًا، وأما الثاني فلا نسلم، وسند المنع أن التلبس بالفعل المعين ترك لجميع الأفعال الواجبة والمندوبة والمحرمة والمكروهة والمباحة غير الفعل المتلبس به، وترك الجمع المذكور لا يتعين به ضد معين عملاً بترك الصلاة على الكافر، فإنه لم يتعين من مفهومه وجوب الصلاة على المسلم، ثم نقول: ما ذكرتم وإن دل على وجوبه. قلنا: ما يدل على إباحته من وجوه: ١ - أن فعل المباح مستلزم لترك الواجب الذي ليس بمضيق، ولترك الحرام وإذا تعارضت اللوازم تساقطت فيبقى المباح على إباحته. ٢ - أن فعل المباح مستلزم لتعارض اللزوم الذي استلزمه لوازم الأحكام الخمسة، ومتى تعارضت اللوازم تساقطت. ٣ - لو فرضنا جميع الأفعال دائرة أخذت الأفعال المباحة خمسها فإذا حصل الفعل المتلبس به فهو مركز الدائرة وإذا كان مثلاً مباحًا بالذات الذي أقر الكعبي به حصل للفعل المذكور نسبة إلى كل خمس من أجزاء الدائرة, والغرض أنه مباح فتساقطت النسب الخمس، وتبقى الإباحة الذاتية. الثاني: من أدلة الدائرة: إذا تلبس المتلبس حصلت له الإباحة بالذات وبالنسبة حصل منه الوجوب ناشئًا عن النسبة، وكل ما كان فيه أمران يقتضيان حكمين عارضهما أمر مساوِ لأحدهما يقتضي نفي ذلك الحكم فإنه مرجح وقوع نقيض الأمرين، فيرجح القول بإباحة الفعل المذكور. الثالث: أن تقول: هذا الفعل فيه إباحة ذاتية وإباحة نسبية وفيه وجوب نسبي معارض للإباحة فيتساقطان، وتبقى الإباحة الذاتية. (٤): أن تقول: الإباحة النسبية ترجح بانفرادها على الوجوب النسبي لأن الإباحة النسبية متوقفة على النسبة المذكورة والوجوب يتوقف على ترك الحرام، والحرام متوقف على النسبة المذكورة فترجح الإباحة. وانظر «مجموع فتاوى» (١٠/ ٥٣٠ - ٥٣٤).