للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكلامه نفسره بتفسير نبي الله موسى- عليه السلام-، ومعنى المشنا باللسان العبرانية استخراج الأحكام من النص الإلهي، فاستمر على هذا أهل الشريعة اليهودية بلا خلاف بينهم في حياة موسى- عليه السلام-، وأيام من قام بالنبوة بعده، وهو يوشع بن نون (١) [البقرة: ٧٩].% ووضعوا لكتابهم هذا- الذي حرفوا فيه وبدلو وخلطوا ما في التوراة بالرأي، وأخفوا منها ما أخفوه، وحرفوا ما حرفوا- اسمًا فسموه التلموذ بفتح المثناة من فوق، وسكون اللام، وضم الميم، وسكون الواو بعده ذال معجمة. فعند ذلك ظهر اختلافهم في الدين، وتفرقهم في تلك الشريعة،


(١) يشوشع بن نون: من أنبياء بني إسرائيل بعثه الله نبيًّا فدعا بني إسرائيل وأخبرهم أنه نبي وأن الله قد أمره أن يقاتل الجبارين فبايعوه وصدقوه وخرج في الناس يقاتل الجبارين وهزمهم تاريخ الطبري (١/ ١١٧).%، ومازالوا كذلك بعد يوشع، وكلهم يتمسك بما في التوراة وما فسرها به موسى في ذلك الكتاب، ولم يظهر بينهم خلاف قط في الجملة كما كان عليه المسلمون في أيام الصحابة والتابعين، مع تمسكهم بالكتاب والسنة [١ ب].
ثم بعد ذلك كان رجلان من اليهود يقال لأحدهما هلال، وللآخر شماي، فكتبا المشنا الموسوي، وخلطاه بكثير من آرائهم وآراء أمثالهم من أكابر اليهود، فجاء من بعدهم فكتبوا ما كتبوه من المشنا المختلط بالرأي، وضموا إلى ذلك كثيرًا من الرأي، وأخفوا كثيرًا مما كان في المشنا الموسوي، ونسبوا الجميع إلى الله- عز وجل-.
وكذا قال الله- عز وجل- ناعيًا لصنعهم عليهم: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ}