للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتملك كثير منهم بهذا الكتاب، وتمسك آخرون بالمشنا المنقول من المشنا الموسوي، وكانت الطائفة الأولى لا تعمل بما في التوراة، وما في المشنا إلا إذا وافق ما في التلموذ، وما خالف ذلك منه ردوه أو تأولوه.

وتفرقوا أربع فرق: الفرقة الأولى: الربانيون (١) العنانية (القراءون): نسبة إلى عنان بن داود أحد كبار الأحبار في القرن الثامن الميلادي (كان موجودًا سنة ١٣٦ هـ في عهد الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور، وحيث أنه هذه الطائفة تتمسك بأسفار العهد القديم وحده- التي كانت تسمى عند اليهود (المقرا) أي المقروء- وتكفر بالتلموذ، فقد سمي اتباع هذه الطائفة (بالقرائين) في القرن التاسع الميلادي ويرى بعض المؤرخين القرائين بـ (مينيم) أي الزنادقة و (أبيقوريم) أي الأبيقوريين نسبة إلى المدرسة الفلسفية اليونانية الوثنية، العداء مستحكم بين الطائفتين إلى حد أن كلاً منها تكفر الأخرى وتنجسها وتحرم التعامل والزواج من أتباعها، ومن أبرز مبادئهم ما يأتي:

١ - تأثروا بالصدوقيين والعيسوية في التمسك بأسفار العهد القديم فقط وإنكار التلموذ.

٢ - تأثروا بالإسلام فقالوا بأن عيسى عليه السلام ليس زنديقًا وإنما كان رجلاً من بني إسرائيل تقيًّا صالحًا ومصلحًا. وبان محمدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نبي حق إلا أنهم زعموا بأن عيسى لم يكن نبيًّا وبأن محمدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم ينسخ شريعة التوراة، وقالوا: بنفي التجسيم والتشبيه عن الله عز وجل.

٣ - يخالفون سائر اليهود في أحكام السبت والأعياد، وينهون عن أكل الطيور والظباء والسمك والجراد، ويذبحون الحيوان على القفا.

٤ - يعتبرون مؤسس فرقتهم عنان قديسًا ويجعلون له دعاءً خاصًّا في صلواتهم.

٥ - يعادون الحركة الصهيونية وينفرون منها؛ لأنهم يرون أن استيلاء الكفرة الربانيين على مقدسات إسرائيل خطر يهددهم.

وقد كان أكثر القرائين يقيمون في مصر والشام وتركيا والعراق وإيران وبعض أجزاء من روسيا وأوربا الشرقية والأندلس، وعددهم بالنسبة إلى اليهود عمومًا، حاليًا يوجد منهم حوالي عشرة آلاف يتركزون حول الرملة وعددهم معابدهم تسعة.

انظر: «اليهودية» (ص ٢٣١) أحمد شلبي، «الملل والنحل» (٢/ ٢١٥)، «الفصل» (١/ ١٧٨).%، والفرقة الرابعة


(١) ويقال لهم: بنو مشتو ومعنى مشتو (الثاني) لأنهم يعتبرون أمر البيت الذي بني ثانيًا بعد عودهم من الجلاية وخربة طيطش، وينزلونه في الاحترام والإكرام والتعظيم منزلة البيت الأول الذي ابتدأ عمارته داود وأتمه ابنه سليمان عليهما السلام وخربه بختنصر فصار كأنه يقول لهم أصحاب الدعوة الثانية، وهذه الفرقة بعيدة عن العمل بالنصوص الإلهية ومن مذهبهم القول بما في التوراة على معنى ما فسره الحكماء من أسلافهم.
انظر: «الخطط» للمقريزي (٤/ ٣٦٨).%، والفرقة الثانية: القراءون، والفرقة الثالثة: العانانية