للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه الآية مطلقة مقيدة بالسنة الصحيحة الصريحة لما في الآية من اجتماع الجمع للطلقتين والتفريق لهما، وأما الثالثة فلا ذكر لها باعتبار ما يزعمونه من انضمامها إلى الاثنتين لا باعتبار صحة إرسالها منفردة ووقوع التسريح بها، فقد استدلوا بأدلة قرآنية، وهي أبعد من هذه الآية التي ذكروها بمراحل فيما قصدوه كقوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (١) وقوله: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن} (٢) ونحو ذلك. وغاية ما في هذه الآيات الإطلاق، ولا تقوم به حجة بعد تقييده بما سيأتي، واستدلوا بأحاديث أقربها إلى الدلالة على ما قصدوه حديث الذي طلق امرأته ألف تطليقة، فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بانت منك بثلاث على غير السنة" (٣) وعارضه بأن في إسناده يحيى بن العلاء (٤) وهو ضعيف وعبيد الله بن الوليد (٥) وهو هالك، وإبراهيم بن


(١) البقرة: ٢٣٠
(٢) البقرة: ٢٢٧
(٣) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (١١٣٣٩) والدارقطني (٤/ ٢٠ رقم ٥٣) وقال الدارقطني: رواته مجهولون وضعفاء، إلا شيخنا وابن عبد الباقي.
وقال ابن قيم الجوزية في زاد المعاد (٥/ ٢٤٠): " خبر في غاية السقوط؛ لأن في طريقه يحيى بن العلاء، عن عبيد الله بن الوليد الوصافي، عن إبراهيم بن عبيد الله ضعيف، عن هالك، عن مجهول، ثم الذي يدل على كذبه وبطلانه أنه لم يعرف في شيء من الآثار صحيحها ولا سقيمها ولا متصلها ولا منقطعها، أن والد عبادة بن الصامت أدرك الإسلام فكيف بجده، فهذا محال بلا شك، وخلاصة القول أن الحديث ضعيف جدا.
(٤) يحيى بن العلاء البجلي أبو سلمة، ويقال أبو عمرو الرازي.
قال أحمد بن حنبل: كذاب يضع الحديث، وقال أبو زرعة: في حديثه ضعف، وقال أبو حاتم: عن ابن معين: ليس بشيء.
انظر: تهذيب التهذيب (٤/ ٣٨٠).
(٥) عبيد الله بن الوليد الوصافي، أبو إسماعيل الكوفي، قال البخاري: هو من ولد الوصاف بن عامر العجلى.