للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اصطلاح متحدد، وعرف حادث ليس بحقيقة لغوية ولا شرعية (١)، بل المراد بالسنة في لسان الشارع ما شرعه الله لعباده أعم من أن يكون واجبًا أو مرغبًا فيه، وليس بواجب، وهذا معلوم لا يخفى، ولكنا أردنا مزيد الإيضاح لدفع ما عسى أن يتوهمه متوهم، أو يغلط فيه غالط، فعرفت بهذا أن قوله- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: «أصبت السنة» في قوة قوله: أصبت ما شرعه الله لعباده، ومن أصاب ما شرعه الله لعباده فقد رشد وفاز بالخير كله دقه وجله، وآخره وأوله، ومن لم يصب ما شرعه الله لعباده فهو في الجانب المقابل لجانب الشريعة، وليس إلا البدعة؛ إذ لا واسطة بينهما في الأمور المنسوبة إلى الدين، الداخلة في مسماه حقيقة أو ادعاء.

فإن قلت: قد ثبتت الإعادة في الأحاديث الواردة في من أدرك أئمة الجور الذين يميتون الصلاة كميتة [٩ب] الأبدان. بإخراجهم لها عن وقتها المضروب كما في الأحاديث الصحيحة، فإن النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- قال لمن أدرك ذلك من المؤمنين أنهم يصلون الصلاة لوقتها، وأمرهم أن يصلون مع أولئك، وتكون صلاتهم معهم نافلة (٢).

أقول ليس في هذا إشكال يرد على ما نحن بصدده من الكلام على مسألة السؤال، فإن هذه الصلاة المعادة قد أخبرهم النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- أنها ليست بفريضة، ولا بقضاء للفريضة، بل قال: إنها تكون لهم نافلة، والنافلة باب آخر، والمنهي عنه ليس إلا إعادة الصلاة على أنها فريضة، ثم هي أيضًا مفعولة بعد خروج وقت الصلاة، فليس


(١) تقدم التعريف بها.
(٢) منها: ما أخرجه أحمد (٤/ ١٦٠ - ١٦١) والترمذي رقم (٢١٩) والنسائي (٢/ ١١٢ - ١١٣ رقم ٨٥٨) وأبو داود رقم (٥٧٥) وابن حبان في صحيحة رقم (١٥٦٥) والترمذي (١/ ٤٢٦) عن يزيد بن الأسود أنه صلى مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة الصبح، فلما صلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا هو برجلين لم يصليا. فدعا بهما، فجيء بهما ترعد فرائضهما، فقال لهما: «ما منعكما أن تصليا معنا»؟ قالا: قد صلينا في رحالنا، قال: «فلا تفعلا إذا صليتما في رحالكما ثم أدركتما الإمام ولم يصل فصليا معه، فإنها لكما نافلة». وهو حديث صحيح.