للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السائل - كثر الله فوائده - من الاستدلال بحديث عمران بن حصين وهو الصحيحين (١) وغيرهما (٢) أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- صلى الظهر، فجعل رجل يقرأ خلفه: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) فلما انصرف قال:"أيكم قرأ؟ أو أيكم القارئ؟ " فقال: "قد ظننت أن بعضكم خالجنيها". وفي لفظ (٣): "قد علمت أن بعضكم خالجنيها" (٤) فهذا ليس فيه النهي عن قراءة المؤتم خلف الإمام في السرية سرا، بل فيه النهي عن أن يجهر المؤتم في السرية بقراءة يخالج فيها إمامه، وذلك لا يكون إلا بقراءة مجهورة. ولم يذكر في هذا الحديث النهي للمؤتمين به عن القراءة لا سرا ولا جهرا، ولكنه يفهم من وصف تلك القراءة بتلك السورة بأنها مخالجة له.


(١) بل أخرجه مسلم في صحيحه رقم (٤٨) كما ذكر المصنف في بداية الرسالة.
وأخرجه البخاري في "القراءة خلف الإمام" (ص٩٢).
(٢) كأحمد (٤) وأبو داود رقم (٨٢٩) والبيهقي (٢) والنسائي (٣). وابن حبان في صحيحه رقم (١٨٤٥). وهو حديث صحيح.
(٣) عند مسلم في صحيحه رقم (٣٩٨).
(٤) قال الخطابي في "معالم السنن" (١): قوله: "خالجنيها" أي: جاذبنيها، والخلج: الجذب، وهذا وقوله: "نازعنيها" سواء وإنما أنكر عليه محاذاته في قراءة السورة حتى تداخلت القراءتان وتجاذبته وأما قراءة فاتحة الكتاب فإنه مأمور بها في كل إن أمكنه أن يقرأ في السكتتين فعل وإلا قرأ معه لا محالة.
وقد اختلف العلماء في هذه المسألة: فروى عن جماعة من الصحابة أنهم أوجبوا القراءة خلف الإمام وروي عن آخرين أنهم كانوا لا يقرءون، وافترق العلماء فيه على ثلاثة أقاويل. فكان مكحول والأوزاعي والشافعي وأبو ثور يقولون: لا بد من أن يقرأ خلف الإمام فيما يجهر به وفيما لا يجهر.
وقال الزهري ومالك وابن المبارك وأحمد بن حنبل وإسحاق يقرأ فيما أسر الإمام فيه ولا يقرأ فيما يجهر به. وقال سفيان الثوري وأصحاب الرأي: لا يقرأ أحد خلف ال. وقال سفيان الثوري وأصحاب الرأي: لا يقرأ أحد خلف الإمام جهر الإمام أو أسر، واحتجوا بحديث رواه عبد الله بن شداد مرسلا عن النبي _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_: "من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة".وهو حديث حسن وقد تقدم تخريجه.