للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأول: أن الأمر كما لو كان كما ذكروه لكان الخلط على الإمام، والمنازعة والمخالجة موجودة بوجود الجهر بالفاتحة فلا تحصل المصلحة المقصودة من النهي، ولا تندفع المفسدة المدفعوة به.

الأمر الثاني: أنه لم يرد دليل صحيح أو حسن يدل على أن الصحابة - رضي الله عنهم - بعد هذا النهي كانوا كلهم أو بعضهم أو فردا من أفرادهم يجهرون بالقراءة خلف رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بفاتحة الكتاب، ولا خلف من كان يؤمهم بعد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، وكذلك من جاء بعدهم من التابعين وتابعي التابعين. (١)

وأما الجواب عن السؤال الثاني:

فنقول: إن كان لدعواهها من غلط أو شبهة ما يدل عليها دلالة تقتضي أن تلك الدعوة تفيد الشبهة التي تدرأ بها الحدود كان ذلك مقتضيا لبطلان ذلك اللعان (٢) من الأصل، ودرء الحد، فإن عروض هذه الشبهة الدافعة للحد تفيد أنه كان الرمي في حال لا يجب عليهما فيه الحد.

وأما إذا لم يكن لتلك الدعوى وجه صحة أصلا فقد وقع اللعان بينهما


(١) انظر "المغني" (٢ - ١٥٨).
(٢) اللعان: وهو مشتق من اللعن، لأن كل واحد من الزوجين يلعن نفسه في الخامسة إن كان كاذبا.
وقيل: سمي بذلك لأن الزوجين لا ينفكان من أن يكون أحدهما كاذبا فتحصل اللعنة عليه، وهي الطرد والإبعاد. والأصل فيه قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ
وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) [النور ٦: ٩].