للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من حديث أبي هريرة بلفظ: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك قبل أن يقيم الإمام صلبه".

ويجاب عن هذا الاستدلال بان المراد بالركعة في قوله: "من أدرك ركعة" هو المعني الحقيقي للركعة، وهي القيام، وما يجب فيه من القراءة التي لا تجزي الركعة بدونها، وذلك هو الفاتحة كما دلت على الأدلة الصحيحة. ولا خلاف في أن معني الركعة حقيقة هو جميعها، وان إطلاق الركعة على بعضها مجاز، والحقيقة مقدمة على المجاز بلا خلاف، فمن أدرك القيام وأمكنه ياتي بالفاتحة، ثم ركع قبل أن يقيم الإمام صلبه فقد أدرك الركعة، ومن لم يدرك ذلك على هذه الصفة فلم يدرك الركعة.

فأن قلت: أي فائدة على هذا التقدير لقوله: قبل ان يقيم الإمام صلبه؟.

قلت: دفع توهم أن من دخل مع الإمام، ثم قرأ الفاتحة وركع الإمام قبل فراغه منها غير مدرك، بل هو مدرك إذا ركع قبل أن يقيم الإمام صلبه. وقد ذهب إلى هذا ابن خزيمة (١)، وهو الراوي لذلك الحديث، وهو أعرف بمعناه. وذهب إلى هذا المذهب أبو بكر الضبعي، وبعض أهل الظاهر، كما حكى ذلك ابن سيد الناس في شرح الترمذي، ثم قال بعد رواية هذا المذهب، أعني: عدم الاعتداد بالركعة إذا لم يدرك اللاحق القيام والفاتحة، ويلحق الإمام وهو راكع قبل ان يقيم صلبه عن ابن خزيمة، وأبي بكر الضبعي، وبعض أهل الظاهر (٢) حاكيا عمن روى عن ابن خزيمة (٣) إنه احتج لما ذهب إليه بما روى عن أبي هريرة أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قال: "من أدرك الإمام في الركوع فليركع معه، وليعد الركعة" وقد رواه البخاري (٤) في القراءة خلف الإمام من حديث


(١) في صحيحه (٣ رقم ١٥٩٥).
(٢) انظر "المحلي" (٣).
(٣) في صحيحه (٣ - ٥٨ رقم ١٦٢٢).
(٤) رقم (١٣٤).