للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويأخذون أجرتهم كما يأخذون ذلك من مال الأحياء الحاضرين، فأن كان في الورثة من يصلح لذلك فهو أولى من غيره.

وأما الجواب عن المسألة السادسة:

فأقول: إذا رفع الغرماء من عليه دين إلى حاكم الشريعة فالوجه الشرعي الذي دل عليه الدليل، وأفاده ما وقع لمعاذ بن [معاذ] (١) -رضي الله عنه - لما طالبه أهل الدين بدينهم أن الحاكم يقضيهم من مال المديون، ويبيعهم منهم بثمن الزمان والمكان، ولا يكلف بعد بذل ماله بغير ذلك إذا كان المال في مكان يمكن صاحب الدين الاتصال به والانتفاع به.

وأما إذا كان في مكان لا يمكنه الانتفاع به، وكان من عليه الدين أقدر على التصرف


(١) كذا في المخطوط والصواب (جبل) وأخرج الحديث الدراقطني (٤ - ٢٣١ رقم ٩٥) والبيهقي (٦) والحاكم في "المستدرك" (٢) وقال: صحيح على شرط الشيخين وأقره الذهبي.
من حديث كعب بن مالك: "أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حجر على معاذ ماله، وباعه في دين كله عليه".
وأخرجه أبو داود في "المراسيل" رقم (١٧٢) وعبد الرزاق في مصنفه (٨ رقم ١٥١٧٧) وهو منقطع.
من حديث عبد الرحمن بن كعب بن مالك مرسلا قال: "كان معاذ بن جبل شابا سخيا وكان لا يمسك شيئا فلم يزل يدان حتى أغلق ماله في الدين فأتي النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فكلمه ليكلم غرماءه، فلو تركوا لأحد لتركوا لمعاذ لأجل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فباع لهم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لهم ماله حتى قام معاذ بغيره شيء". وهو حديث ضعيف انظر: "الإوراء" رقم (١٤٣٥).
قال ابن قدامة في "المغني" (٦): "ومتى لزم الإنسان ديون حالة لا يفي ماله بها، فسأل غرماؤه الحاكم الحجر عليه، لزمته إيجابتهم ويستحب أن يظهر الحجر عليه لتجتنب معاملته فإذا حجر عليه ثبت بذلك أربعة أحكام:
أحدهما: تعلق حقوق الغارماء بعين ماله.
الثاني: منع تصرفه في عين ماله.
الثالث: أن من وجد عين ماله عنده فهو أحق بها من سائر الغرماء إذا وجدت الشروط.
الرابع: أن للحاكم بيع ماله وإيفاء الغرماء والأصل في هذا ما روى كعب بن مالك".