للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أطول مما أرشد إليه الشارع معاذا مع علمه إن في المؤتمين به من يضرر بذلك فهو أيضًا مبتدع مخالف للسنة، وكذلك إذا لم يعلم. وكان الجمع كثيرا بحيث يجوز أن فيهم من يتضرر بذلك. وهذه السور التي أرشد إليها النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - معاذا هي أوساط المفصل. وزاد مسلم (١) أنه أمره بقراءة: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) وزاد عبد الرازق (٢) (الضحى)، وزاد الحميدي (٣): (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ)، (وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ).

وأما إذا قرأ إمام بما هو أقصر من هذه السور التي أرشد إليها النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وهو قصار المفصل فهو أيضًا متسنن غير مبتدع، لأن الشارع قد سن لأمته ذلك حسبما بيناه، ولكنه لا يجعل ذلك ديدنه وهجيراه على وجه لا يفارقه، فغنه إذا فعل ذلك كان مبتدعا لما قدمنا، ووجه ابتداعه أنه ظن أن السنة منحصرة في ذلك النوع، فاستلزم ذلك نفي سنية ما عداه، فإن أكثر من ملازمة نوع من تلك الأنواع أعني التطويل أو التقصير أو التوسيط مع اعترافه [٥أ] بأن الكل سنة، وفعله لغير النوع الذي لازمه في بعض الأحوال فليس بمبتدع، والمنفرد يطول ما شاء كما أرشده إلى ذلك معلم الشرائع، والإمام يصلي بالقوم صلاة أخفهم.

والحاصل أن المنفرد إذا فعل أي نوع من تلك الأنواع الثلاثة فقد فعل السنة ما لم ينكر بعضها، وتطويله لقراءته وصلاته أكثر ثوابا، وأعظم أجرا، واإمام إذا أم قوما لهم رغبة في الطاعة لا يتضررون بالتطويل، فأي الأنواع الثلاثة فعل فقد فعل السنة، وتطويل صلاته وقراءته أكثر ثوابا له، وامن ائتم به، وأعظم أجرا. وإن كان يؤم قوما لا يأمن أن فيهم الضعيف. ........................


(١) في صحيحه رقم (١٧٩).
(٢) في مصنفه (٢ - ٣٦٦ رقم ٣٧٢٥).
(٣) في مسنده (٢ رقم ١٢٤٦).