للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا تكون إلا جماعة اتفاقا، ومنها المخالفة في الوقت حتى قيل: تجزئ قبل الزوال (١).

قال ابن المنذر: وفي عدم إذن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لأهل قباء والعوالي بإقامتها في مساجدهم أبين البيان أن حكمها مخالف لسائر الصلوات انتهى.

فإن قلت: إنه يلزم [٣ب] على هذا أن تكون الخطبة ركنا لا شرطا.

قلت: لا ضير في ذلك، ونحن نلتزمه، وكثيرا ما يقع في عبارة المتقدمين التعبير بشرط الصحة، وبالركن عن شيء واحد، لأن حكمها واحد، وهو انعدام الماهية بانعدام ركنها أو شرطها كما قال ابن رشد المالكي في نهاية المجتهد (٢) ما لفظه: الفصل الثالث في الأركان: اتفق المسلمون على أنها خطبة وركعتان بعد الخطبة، واختلفوا من ذلك في خمس مسائل: هي قواعد هذا الفصل، المسألة الأولى: هل هي شرط في صحة الصلاة، وركن من أركانها أم لا. فذهب الجمهور إلى أنها شرط وركن انتهى كلامه. ولهذا جعلوا الخطبتين بمثابة ركعتين.

فإن قلت: فعلى هذا يلزم أن تكون الخطبة من الصلاة.

قلت: وأي محذور في ذلك؟ فإن الخطبة ذكر كما قال تعالى {فاسعوا إلى ذكر الله} (٣)


(١) أخرج البخاري في صحيحه رقم (٩٣٩) ومسلم رقم (٣٠/ ٨٥٩) من حديث سهل بن سعد قال: ما كنا نصلي مع النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجمعة ثم نرجع إلى القائلة فنقيل.
وأخرج مسلم في صحيحه رقم (٢٩/ ٨٥٨) من حديث جابر قال: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي الجمعة ثم يذهبون إلى جمالهم فيريحونها حتى تزول الشمس.
وأخرج البخاري في صحيحه رقم (٤١٦٨) ومسلم رقم (٨٦٠) وأبو داود رقم (١٠٨٥) والنسائي رقم (١٣٩١) وابن ماجه رقم (١١٠٠) من حديث سلمة بن الأكوع قال: كنا نجمع مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا زالت الشمس.
قال الشوكاني في السيل الجرار (١/ ٦٠٠) ومجموع هذه الأحاديث يدل على أن وقت صلاة الجمعة حال الزوال وقبله، ولا موجب لتأويل بعضها.
(٢) بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد (١/ ٣٨٦) بتحقيقي.
(٣) الجمعة: ٩.