للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما إذا كان الخط غير معروف فهذا لا خلاف بين المسلمين أنه لايجوز العمل به في نقر ولا قطمير، ولكن ربما يلتبس بغيره لم يجز العمل به في شيء، وهكذا لو كان معروفا ولا يلبس بغيره، ولكن صاحبه ليس بعدل فإنه لا يجوز العمل بالكتابة، لما تقرر من أن عدم العدالة مسقط للشهادة، والرواية باللفظ، فضلا عن الكتابة، فإذا اجتمعت المقتضيات للعمل، وهي الثلاثة الأمور التي ذكرناها (١)، وعدم المانع وهو القادح في شيء منها فلا شك ولا ريب أن ذلك الخط معمول به على ذلك التفصيل الذي ذكرناه.

فإن قلت: إذا كان الخط الموجود في شيء [١٠ أ] من المعاملات، مثلا لو أبرز شخص مرقوما يتضمن أن المتمسك به اشترى الدار الفلانية، أو الأرض الفلانية من فلان، وخط كاتبه معروف، وفيه شهود معروفون، ورقم حاكم من الحكام المعروفين في أعلاه لفظا مجملا، مثل ما جرى به عرف حكام الزمان أنهم يرقمون في ذلك لفظ يعتمد، ثم وقع النزاع بينه وبين آخر في زمان قد مات فيه الكاتب والشهود والحاكم؟ قلت: لا شك ولا ريب أن التحرير الكائن على هذه الصفة حيث لم يصرح الحاكم فيه بلفظ الحكم لا يكون له حكم الحاكم، وكذلك الكاتب والشهود لا يكون رقمهم منزلة الشهادة أو الأخبار إلا إذا ذكر الكاتب في كتابته، وذكر الشهود في شهادتهم أنهم يعرفون البائع، ويعرفون أنه مالك لما باعه، وثابت اليد عليه، فإذا قرروا في المرقوم هذا التقرير، وكانت خطوطهم أو خط الكاتب الذي رقم شهادتهم معروفة لا تلتبس كان ذلك كالإخبار منهم بأن فلان باع من فلان ما هو في مكله. ولا ريب أنه يجوز الاستثناء إلى هذا المرقوم، والعمل بما تضمنه فإن لم يأت المدعي لخلافه بحجة جاز [١٠ب] العمل بذلك المرقوم لأمرين: أحدهما: أن الأصل الأصيل عدم انتقال ذلك


(١) وهي معرفة الكاتب، ومعرفة عدالته، ومعرفة خطه على وجه لا يلتبس بغيره.