للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له: أما الآن فنعم، فإن هذا لم يشعر به أحد. قال: فقلت له: سله هل ذلك كشف أو منام؟ قال: فعاد وقال: ليس ذلك إليك. انتهى المنقول من خط الأخ، انتهى المنقول من (١) الطبقات (٢) وهو مما نتعجب منه ونسأل عنه.

نعم يبقى الكلام فيما لو فعل الإنسان هذا الذي قررنا أنه بدعة، يعني أنه أصابته نائبة فقصد قبر إمام من أئمة المسلمين، مشهور بالصلاح، ووقف لديه، وأدى الزيارة، وسأل الله بأسمائه الحسنى، وبما لهذا الميت لديه من المنزلة، هل تكون هذه البدعة عبادة لهذا الميت؟ ويصدق عليه أنه قد دعا غير الله، وأنه قد عبد غير الرحمن، ويسلب عنه اسم الإيمان، ويصدق على هذا القبر أنه وثن من الأوثان، ويحكم بردة ذلك الداعي، والتفريق بينه وبين نسائه، واستباحة أمواله، ويعامل معاملة المرتدين، أو يكون فاعل معصية كبيرة، أو مكروه؟ هذا كله فيمن فعل على هذه الصورة، ثم كذلك من يأتي من العوام إلى قبور الأولياء، فيقول: يا فلان- يخاطب الولي- أنا عليك، أنا مستجير بك، أنا أنا إلى غير ذلك، ولا ريب أن هذا عاص لله تعالى، لكن هل يكون عصيانه مخرجا له من الإيمان؟ وكاسيا له ثوب الكفران [٧] مع كونه يعترف بعقله ولسانه أن الله تعالى هو المسبب لجميع الأمور حقيقة لا تحوم حول حماها؟ فإذا سألته عن هذا الفعل الذي يصنعه فيقول: إن للولي كرامات عند الله، وله جاه وشفاعة، ونحو هذا جرى في أشعار كثير من علمائهم في مدح الأولياء، نحو: قم بي بأهلي وبصحبي. ونحو قول بعض الأدباء:

هات لي منك يا ابن موسى إغاثة ... عاجلا في مسيرها حثاثه

وأجرني من الزمان الذي يسر ... لي ذا البلاء بغاثه

[ونحو هذا كثير] (٣)، حاصل الأمر أنها أوصاف لا تطلق إلا على الله تعالى، فإذا سألت من يتمسكها قال: لا أقول إن الولي يفعلها استقلالا، وإنما له من


(١) في المخطوط مكرر.
(٢) أي: طبقات الشافعية الكبرى (١٠/ ٢١٦).
(٣) في المخطوط مكرر.