للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكرامات (١) بعد الممات ما ينجو به الداعي لديه، والمستجير به، وهذا لا ريب في خطئه إنما الشأن في كفر فاعله، ومعاملته معاملة المرتد في جميع أحواله، بحيث لو تيسر للإنسان قتله لقتله، أو لو تيسرت أمواله لأخذها، فإن كان الأمر هكذا، فما بال أئمة المسلمين وعلماء الدين لم يناشدوا أهل هذه الجهات التهامية واليمنية والشامية كصعدة وأحوالها بالقتال، ويذيقونهم أشد النكال! وقد أمرهم الله تعالى بالقوة التي لا تنكر، والأمداد الذي هو أشهر من أن يشهر. وإن كان الأمر مفضيا إلى الفسق فالمطلوب تحقيق هذا السؤال بأطرافه، ولا يمنع مولاي-حفظه الله وحماه- سوء أدب السائل لتحرير السؤال على غير قاعدة السؤال، فإنه إنما عرض ما في خلده الملازم للاختلال، ليتبين للمسؤل علة السؤال، فيرشد إلى دواء ذلك الاعتلال، والله تعالى هو المطلع على خفيات السرائر، ونسأله أن يغفر لنا الكبائر من الذنوب والصغائر والسلام ختام.

ومن تمام الفائدة المطلوبة نقل ما تكلم به ابن تيمية (٢) وتلميذه (٣) في الدعاء عند القبور، والتكلم عليه نفيا أو إثباتا، فقد أطال الكلام في مواضع من كتبه. ومحط الفائدة هل تلك الكلمات الصادرة من العوام أو الخواص عبادة لغير الله أم لا (٤)؟ والله الهادي وهو حسبنا ونعم الوكيل، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله.

الحمد لله، أورد السيوطي- رحمه الله- في الدر المنثور (٥) في تفسير قوله تعالى: {كلما دخل عليها زكريا المحراب .. (٦). أحاديث كثيرة في النهي عن اتخاذ المحلويب (٧) في


(١) انظر: رسالة "بحث في التصوف" رقم (٢٥) من القسم الأول. وسيأتي مناقشة ذلك خلال رسالتنا هذه.
(٢) انظر اقتضاء الصراط (٢/ ٥٦٩، ٧٧٦) وسيأتي.
(٣) أي ابن القيم انظر: "مدارج السالكين" (١/ ٣٨٥) وسيأتي، "إغاثة اللهفان" (١/ ٢٨٨).
(٤) وانظر ذلك خلال الجواب وتعليقنا عليه.
(٥) (٢/ ١٨٤ - ١٩١).
(٦) [آل عمران: ٣٧].
(٧) قال الشيخ الألباني في الضعيفة (١/ ٦٤٧) وجملة القول: إن المحراب في المسجد بدعة، ولا مسوغ لجعله من المصالح المرسلة، ما دام أن غيره
مما شرعه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقوم مقامه مع البساطة، وقلة الكلفة، والبعد عن الزخرفة " اهـ.
قال ابن حزم في "المحلى" (٤/ ٢٣٩) رقم المسألة (٤٩٧): " وتكره المحاريب في المساجد ... قال علي: أما المحاريب فمحدثه، وإنما كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقف وحده ويصف الصف الأول خلفه اهـ.