الوجه الثاني: أن المعاقبة بالمال ليست إلى كل فرد من أفراد المسلمين، بل هي إلى أئمة المسلمين، ولو كانت مفوضة لكل فرد لأكل الناس أموال بعضهم البعض بهذه الذريعة، وهتكوا حرمة الأملاك المملوكة بهذه الوسيلة الشيطانية.
الوجه الثالث: أن هذا الذي لا تحل له الزكاة لو فرضنا أن له ولاية تسوغ التأديب بالمال , وفرضنا أن الذي عليه الزكاة قد افترق ذنبا من الذنوب التي جاءت الشريعة بجواز التأديب فيها بالمال، فغاية ما هناك أن له تأديب العاصي على تلك المعصية بأخذ شيء من ماله، وأما تأديبه بأخذ مال غيره، وهم المصارف الذين جعل الله هذه الزكاة لهم فليس ذلك من هذا الباب، بل من باب الظلم البحت، والطاغوت المتيقن.
فإن قال المستحل لهذه الزكاة: إن صاحبها لما عصى الله بذنب أو ذنوب صارت زكاته غير زكاة شرعية، فيقال له: ليس هذا إليك، ولا أمرك الله به، بل الذي أمرك الله به هو أن تأخذ على يد هذا العاصي، وتحول بينه وبين عصية الله، وتأمره بالقيام بما أوجب الله عليه وفاء بما أوجبه الله عليك من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا تعمد إلى ما قد قام به مما أوجبه الله عليه، فتضعه في غير موضعه الذي وضعه الله فيه، وتصرفه في غير مصرفه الذي صرفه الله إليه، فإن هذا منكر، معاونة للشيطان، لأنه أوقعه في بعض الذنوب ففعلها، أو سول له ترك بعض الواجبات فتركها، وأنت عمدت إلى ما قد قام به مما أوجبه الله عليه فوضعته في غير موضعه، فظلمته بوضع زكاته في غير موضعها، وظلمت المصارف، وحلت بينه وبين ما جعله الله لهم، فكنت عاصيا من جهات:
الأولى: بمخالفة التحريم القطعي.
الثانية: بظلم المزكي.
الثالثة: بظلم المصارف.
فانظر ما صنعت بنفسك، وفي أي هوة وقعت يا مسكين، فإن كنت تظن أن