للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فحسب.

ومن العجائب أيضًا ما ذكره - رحمه الله - في آخر كلامه السابق من أن بعضهم قد ادعى أنه إجماع أئمة العترة، ولا شك أن هذه الدعوى من أبطل الباطلات، فإن القائل بذلك بالنسبة إلى من لم يقل به هو القليل النادر، وكيف يصح دعوى إجماع العترة، والقاسم، والهادي، والناصر، والمؤيد بالله وأتباعهن، وهم جمهور العترة خارجون عنه، وهذه كتب العترة وأتباعهم موجودة على ظهر البسيطة، وأعجب من هذا قول العلامة محمد بن إسماعيل الأمير - رحمه الله - في المنحة (١) أنها سكنت نفسه إلى هذا الحديث بعد وجدان سنده، وما عضده من دعوى الإجماع، فيا الله العجب من مثل هذا السكون لمجرد وجدان السند، ودعوى الإجماع! فإن وجدان السند يكون في الموضوع كما يكون في الصحيح، وليس من وجد سند حديث من دون بحث عن حاله، وكشف عن رجاله، وجد نفسه ساكنة إليه عاملة به، فإن هذا ليسم من الاجتهاد في شيء، بل من الوساوس الفاسدة، والتشهيات الباطلة، وهكذا قوله: ودعوى الإجماع؛ فقد جعله جزء علة السكون، ويالله العجب كيف تجري بمثل هذا أقلام العلماء المتقيدين بالدليل! فإن الدعاوي إذا لم تعضد بالبراهين فهي أكاذيب، وهذه الدعوى من بينها، أوضح كذبا وأظهر بطلانا، وأبين اختلالا.

وأما ما ذكره السائل - كثر الله فوائده - من زكاة الخضروات.

فأقول الأدلى العامة من الكتاب والسنة قد دلت على وجوب الزكاة فيها، كقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} (٢) فإن الأموال تعم، وما خص من هذا العموم خرج، وذلك كحديث: " ليس على المرء في عبده، ولا في بيته صدقة " (٣)، ونحو ذلك.


(١) في " منحة الغفار على ضوء النهار " (٢/ ٣٤١ - ٣٤٢).
(٢) [التوبة: ١٠٣].
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه (١٤٣٦) و (١٤٦٤) ومسلم رقم (٨ - ٩/ ٩٨٢) وأبو داو رقم (١٥٩٥) والترمذي رقم (٦٢٨) والنسائي (٥/ ٣٥). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.