للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تقييده بذلك، فلا بد من تقييده بكونه في فرج من قبل أو دبر، فيكون ما في الآية في قوة: فمن ابتغى نكاح فرج غير فرج الزوجات والمملوكات فأولئك هم العادون.

فإن قلت: هذا إنما يتم إذا كان التقدير: والذين هم لفروجهم حافظون إلا على فروج أزواجهم، أو فروج ما ملكت أيمانهم حتى يكون المستثنى من جنس المستثنى منه، وذلك يستلزم أن يكون الاستمتاع بغير الفرج من الزوجات، وملك اليمين من الورى، فلا يحل، واللازم باطل فالملزوم مثله.

قلت: جواز الاستمتاع بغير الفرج من الزوجات والمملوكات ورد به الدليل، كالأحاديث الواردة في جواز الاستمتاع منهما بغير الفرج (١)، وكقوله {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} (٢) فلا يلزم بطلان اللازم، ولا بطلان الملزوم، فإن قلت: تقييد ما في الآية بالنكاح في فروج الزوجات والمملوكات غير ظاهر، بل المتبادر ما هو أعم من ذلك.

قلت: هذا وإن كان هو الظاهر لكن صدق اسم النكاح على الاستمتاع من الزوجات والمملوكات بغير الفرج غير ظاهر، وقد عرفت أنه لا بد من تقييد ما في الآية به، وإلا لزم الباطل بالإجماع كما قدمنا؛ فإن قلت أنت لا يقدر النكاح بل يكفيك بمجرد ما في الآية من ذكر الحفظ، قلت: حفظ الفرج باعتبار مدلوله اللغوي أعم من حفظه عن النكاح وعن غيره، كالبول والمماسة للثبات، والجمادات، فلا بد من تقييد ما في الآية بالنكاح، وكما لا يصدق على الاستمتاع بغير الفرج من الزوجات والمملوكات اسم النكاح، وكذلك لا يصدق على الاستمناء بالكف ونحوه اسم النكاح، فتدبر هذا.

وقد قيل: إن الآية مجملة، والمجمل لا يحتج به إلا بعد بيانه، وقد بين الله سبحانه في


(١) أخرج مسلم في صحيحه رقم (١٦/ ٣٠٢) عن أنس قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اصنعوا كل شيء إلا النكاح ... ".
(٢) [البقرة: ٢٢٣].