للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالمعروف، والمراد به الشيء الذي يعرف، وهو خلاف الشيء الذي ينكر، وليس هذا المعروف الذي أرشد إليه الحديث شيئا معينا معلوما، ولا المتعارف بين أهل جهة معينة، بل هو في كل جهة باعتبار ما هو الغالب على أهلها المتعارف بينهم. مثلا أهل صنعاء المتعارف بينهم الآن أنهم ينفقون على أنفسهم وأقاربهم الحنطة والشعير والذرة، ويعتادون الإدام سمنا ولحما، فلا يحل أن يجعل طعام من تجب نفقته من طعام غير الثلاثة الأجناس المتقدمة، كالعدس، والفول، ولا من الشعير والذرة فقط، ولا بدون إدام، ولا بإدام غير المعتاد كالزيت والتلبينة، ونحو ذلك؛ فإن ذلك جميعه وإن كان يصدق عليه لفظ الكفاية لا يصدق عليه معنى المعروف، والعمل بالمطلق وإهمال قيده لا يحل.

وأما أهل البوادي المتصلة بصنعاء والقريبة منها بمقدار بريد (١) ودونه وفوقه فالمعروف عندهم هو الكفاية من أي طعام كان، من غير سمن ولا لحم إلا في أندر الأحوال، بل يكتفون تارة بالتلبينة (٢)، وتارة بما يقوم مقامها، فالمتوجه شرعا على من وجبت عليه


(١) تقدم تقديره مرارا.
(٢) التلبينة: حساء يعمل من دقيق أو نخالة ويجعل فيها عسل، سميت تلبينة تشبيها باللبن لبياض ورقتها.
" لسان العرب " (١٢/ ٢٣٠).