للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يدفع إلى من كان في مثل صنعاء ما هو المعروف لديهم مما قدمنا، وإلى من كان في البوادي ما قدمنا مما هو المعروف لديهم، ويعتبر في كل محل ما يعرف أهله، ولا يحل العدول عنه إلا مع التراضي، وكذلك الحاكم يجب عليه مراعاة المعروف بحسب الأزمنة والأمكنة، والأحوال والأشخاص، مع ملاحظة حال الزوج من اليسار والإعسار؛ لأن الله تعالى يقول: {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ} (١).

وإذا تقرر لك أن الحق عدم جواز تقدير الطعام بمقدار معين فكذلك لا يجوز تقدير الإدام بمقدار معين، بل المعتبر الكفاية بالمعروف. وقد حكى صاحب (٢) البحر (٣) أنه قد قدر في اليوم أوقيتان دهنا من الموسر، ومن المعسر أوقية، ومن المتوسط أوقية ونصف. وفي شرح الإرشاد أنه يعتبر في الإدام تقدير القاضي باجتهاده عند التنازع، فيقدر في المد من الإدام ما يكفييه، ويقدر على الموسر ضعف ذلك، وعلى المتوسط بينهما، ويعتبر في اللحم عادة البلد للموسرين والمتوسطين كغيرهم. قال الرافعي (٤): وقد تغلب الفاكهة في أوقاتها فتجب، ثم قال: وإنما يجب ما ذكر لزوجته إن لم تؤاكله حال كونها رشيدة، فإن واكلته وهن رشيدة سقطت نفقتها، ثم ذكر كلاما طويلا.

وأقول: المرجع ما هو معروف عند أهل البلد في الإدام جنسا، ونوعا، وقدرا، وكذلك في الفاكهة لا يحل الإخلال بشيء مما يتعارفون به إن قدر من تجب عليه النفقة على ذلك، وكذلك ما يعتاد من التوسعة في الأعياد ونحوها. ويدخل في ذلك مثل القهوة والسليط (٥). وبالجملة فقد أرشد الشارع إلى ما هو معروف من الكفاية، وليس بعد هذا الكلام الجامع المفيد شيء من .................................


(١) [البقرة: ٢٣٦].
(٢) الإمام المهدي أحمد بن يحيى بن المرتضى (ت / ٨٤٠ هـ).
(٣) (٣/ ٢٧٢).
(٤) ذكره صاحب " الروضة الندية " (٢/ ١٦٠).
(٥) أي الزيت.