للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في أعلام الموقعين (١) ما لفظه: " فصل:: ومن هذا الباب اليمين بالطلاق والعتاق، فإن إلزام الحالف بهما إذا حنث بطلاق زوجته وعتق عبده مما حدث الإفتاء به بعد انقراض عصر الصحابة، فلا يحفظ عن صحابي في صيغة القسم إلزام الطلاق أبدا ". انتهى.

إذا تقرر لك هذا علمت أن أرجح المذاهب وأولاها عدم وقوع الطلاق الخارج مخرج اليمين على فرض تجرده عن التعليق بالمشيئة من الله، وأما مع التعليق بها فعدم الوقوع أولى لما سلف، وكذلك يظهر لك عدم لزوم حكم اليمين المعلقة بمشيئة الله تعالى للأدلة المتقدمة، فهذه حجج القول الأول، أعني قول من قال: إن التعليق بالمشيئة يمنع الكلام من النفوذ (٢).

وأما من قال: إن المشيئة المعلق بها هي مشيئة القسر والإلجاء، فإذا لم يقع ما حلف به لم يحنث، فاحتج بأن الله تعالى لو كان يشاء وقوع الطلاق أو اليمين لما منع عن وقوع


(١) (٣/ ٥٩).
(٢) قال الشوكاني في " السيل الجرار " (٢/ ٣٧٣ - ٣٧٤): قد جاءت لسنة الصحيحة بأن التقيد بالمشيئة يوجب عدم وقوع ما علق بها، كمن حلف ليفعلن كذا إن شاء الله، فإنه لا يلزمه حكم اليمين في هذا أو غيره، فالمعلق للطلاق بالمشيئة: إن أراد هذا المعنى لم يقع من الطلاق، وإن أراد الطلاق إن كان الله سبحانه يشاؤه في تلك الحال، فإن كان ممسكا بها بالمعروف وهي مطيعة له فالله سبحانه لا يشاء طلاقها.
وإن كان غير ممسك بالمعروف فقد أراد الله سبحانه منه في تلك الحالة أن يسرحها بإحسان كما قال في كتابه العزيز، فمراده هو ما في كتابه من التخيير بين الإمساك بالمعروف والتسريح بالإحسان.
وإن أراد ما يريده غالب الناس من لفظ التقييد بالمشيئة، فإنهم يريدون تأكيد وقوع ما قيدوه بها في الإثبات وتأكيد عدم وقوع ما قيدوه بها في النفي - وقع الطلاق المقيد بالمشيئة لأنه قد أراد به الفرقة بعبارة مؤكدة.
وقال الحافظ في " الفتح " (١١/ ٦٠٣): واتفقوا على ن من قال: لا أفعل كذا إن شاء الله، إذا قصد التبرك فقط ففعل، يحنث، وإن قصد الاستثناء فلا حنث عليه.