للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بها.

وقال العلامة المقبلي - رحمه الله - في المنار (١) بعد أن ذكر أن للحديث علة بمنع صدقه ما لفظه: ولأم المؤمنين في باب الرضاع أغرب من هذا، وإن كان الغرابة هنا من حيث الرواية، وهناك من حيث الاجتهاد؛ وذلك قولها برضاع الكبير أنها محرمة لحديث سهلة امرأة أبي حذيفة، فأخذت وعممت الحكم، وكان يدخل عليها بتلك الرضاعة، ويعارضه أحاديث أن الرضاعة في الحولين (٢)، وفي الثدي، أي في وقت حاجة الرضيع إليه، واستغنائه به، وأقوى ما يبين الخصوصية أن يقال: مباشرة الرجل لأجنبية ممنوعة قطعا بالإجماع وغيره من الأدلة (٣)، وهو حكم عام مستمر، فهذا أقوى من الحديث المذكور، فيتعين صحة اجتهاد زوجاته المطهرات، وخطأ اجتهادها. وإنما قعقع ناس بتعظيم حرمتها فكيف بهتك حجاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وأنها وأنها


(١) (٢/ ٥٨٠).
(٢) قال أصحاب الحولين: قال الله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: ٢٣٣]، قالوا: فجعل تمام الرضاعة حولين، فدل على أنه لا حكم لما بعدهما، فلا يتعلق به التحريم.
قالوا: وهذه المدة هي مدة المجاعة التي ذكرها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقصد الرضاعة المحرمة عليها.
قالوا: وهذه مدة الثدي الذي قال فيها: " لا رضاع إلا ما كان في الثدي " أي في زمن الثدي، وهذه لغة معروفة عند العرب فإن العرب يقولون: مات فلان في الثدي، أي في زمن الرضاع قبل الفطام، ومنه الحديث المشهور: " إن إبراهيم مات في الثدي، وإن له مرضعا في الجنة تتم رضاعه " - أخرجه مسلم في صحيحه رق م (٢٣١٦) وأحمد (٣/ ١١٢) من حديث أنس، يعني إبراهيم ابنه صلوات الله وسلامه عليه.
قالوا: وأكد ذلك بقوله: " لا رضاع إلا ما فتق الأمعاء " وكان في الثدي قبل الفطام، فهذه ثلاثة أوصاف للرضاع المحرم، ومعلوم أن رضاع الشيخ الكبير عار من الثلاثة.
انظر " زاد المعاد " (٥/ ٥١٥).
(٣) انظر: " المفهم " للقرطبي (٤/ ١٨٨) وقد تقدم ذكره.