للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قلت: إذا كان الأمر كما ذكرته من أن العلة الغرر في كل نوع من أنواع الخيارات، فهل يثبت خيار المعاينة لغير صبي، ومن له حكمه، ومتصرف عن الغير؟.

قلت: نعم، يثبت كما ثبت خيار الغرر في المصراة لكل متصرف عن نفسه، أو عن غيره (١)، وكما ثبت لرب السلعة في تلقي الجلب الخيار إذا وصل السوق، سواء كان متصرفا عن نفسه بعد تكليفه أو عن غيره، وليس في حديث حبان بن منقذ ما ينفي ثبوت الخيار لغير من كان مماثلا له في نقص العقل، بل غاية ما هناك أنه أثبت الخيار لرجل يخدع في البيوع، غير كامل الرجولية، وثبت الخيار لغيره من المتصرفين عن أنفسهم، أو عن غيرهم بدليل الأصل، وهو حديث المصراة، وبما ثبت في خيار تلقي الجلب بعلة الغرر، وليس في قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - لحبان: " فقل: لا خلابة " (٢) ما يخالف ما قررنا، أو ما يقتضي أنه لا يثبت الخيار إلا بهذه المقالة؛ لأن الباعث على تلقينه لذلك يحتمل أن يكون هو إرادة الإشعار لمن يبايعه من أول الأمر بأن حبان رجل يخدع فلا يخادعه من يعامله مع أن هذا الأمر، أعني: عدم الخدع، هو شأن كل معاملة يتعاملها أهل الإسلام.


(١) انظر: " المغني " (٢/ ٢٤٦ - ٢٤٧).
(٢) تقدم تخريجه.