وقال مالك: إنما ذكر البادي في الحديث لكونه الغالب فألحق به من يشاركه في عدم معرفة السعر الحاضر وإضرار أهل البلد بالإشارة عليه بأن لا يبادر بالبيع. وهذا تفسير الشافعية والحنابلة، وجعل المالكية البداوة قيدا وعن المالك لا يلتحق بالبدوي في ذلك إلا من كان يشبهه، قال فأما أهل القرى الذين يعرفون أثمان السلع والأسواق فليسوا داخلين في ذلك ومنهم من قيد ذلك بشرط العلم بالنهي ن وأن يكون المتاع المجلوب مما تعم به الحاجة، وأن يعرض الحضري ذلك على البدوي. " فتح الباري " (٤/ ٣٧١). (٢) تقدم تعريفه. (٣) تقدم تعريفه. (٤) قال القرطبي في " المفهم " (٤/ ٣٦٧): قوله " لا يبيع حاضر لباد " مفسر بقول ابن عباس: لا يكن له سمسارا، وظاهر هذا النهي العموم في جميع أهل البوادي، أهل العمود وغيرهم، قريبا كانوا من الحضر أو بعيدا، كان أصل المبيع عندهم بشراء أو كسب. قال الحافظ في " الفتح " (٤/ ٣٧١): قال ابن المنير وغيره: حمل المصنف النهي عن بيع الحاضر للبادي على معني خاص وهو البيع بالأجر أخذا من تفسير ابن عباس -بقوله لا يكون له سمسارا - وهو في الأصل القيم بالأمر، والحافظ، ثم اشتهر في متولي البيع والشراء لغيره بالأجرة كذا قيده ابن حجر وجعل حديث ابن عباس مقيدا لما أطلق من الأحاديث. أما بغير أجرة فجعله من باب النصيحة والمعاونة فأجازه، وظاهر أقوال العلماء أن النهي شامل لما كان بأجرة، وما كان بغير أجرة. وفسر بعضهم: صورة بيع الحاضر للبادي بأن يجيء البلد غريب بسلعة يريد بيعها بسعر الوقت في الحال، فيأتيه الحاضر فيقول ضعه عندي لأبيعه لك على التدريج بأعلى سعر من هذا السعر ... ". انظر " المغني " (٦/ ٣١٠). قال البغوي في " شرح السنة " (٨/ ١٢٣): قوله: " لا يبيع حاضر لباد فذهب بعضهم إلى أن الحضري لا يجوز أن يبيع للبدوي شيئا، ولا يشتري له شيئا، وهو قول ابن سيرين وإبراهيم النخعي، لأن اسم البيع يقع على البيع والابتياع يقال: بعت الشيء وشريته بمعنى اشتريته، والكلمتان من الأضداد.