للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: وجود من هو لهذه الصفة من أهل البادية ممنوع، والسند انه قد غاب عن الحضر في بعض الأوقات، وذلك مستلزم لعدم العلم بكيفية التعامل في وقت الغيبة على التفضيل؛ فهو مظنة للبيع برخص، فإن قيل: ربما كانت الأخبار بمقدار التعامل وكيفيته يتصل به في حال غيبته.

قلت: حديث " ليس الخبر كالمعاينة " (١) مانع من تخصيص النص بمجرد ذلك، لأنه قد أفاد أن وصف كونه باديا في تلك الحال غير طردي، فلا تجوز العادة بمسلك ينقح المناط (٢)، ومن التخصص بمجرد الاستنباط قوله أن النهي مختص بزمن الغلاء (٣)، وقيل (٤): هو مختص بأن يضعه البادي عند الحاضر ليبيعه على التدريج بأغلى من سعر


(١) أخرجه أحمد في مسنده (١/ ٢٥١) من حديث ابن عباس بسند صحيح.
(٢) وتقدم تعريفه: وهو إلحاق الفرع بالأصل بإلغاء الفارق بأن يقال لا فرق بين الأصل والفرع إلا كذا وذلك مدخل له في الحكم البتة فيلزم اشتراكهما في الحكم لاشتراكهما في الموجب له. كقياس الأمة على العبد في السراية فإنه لا فارق بينهما إلا الذكورة وهو ملغي بالإجماع إذ لا مدخل له في العلية.
وانظر مزيد تفصيل في " البحر المحيط " (٥/ ٢٥٥)، و" الكوكب المنير " (٤/ ١٩٩).
(٣) قال ابن حجر في " الفتح " (٤/ ٣٧١): قوله " لا يكون سمسارا " بمهملتين هو في الأصل القيم بالأمر والحافظ له، ثم استعمل في متولي البيع والشراء لغيره، وفى هذا التفسير تعقب على من فسر الحاضر لبادي بأن المراد نهي الحاضر أن يبيع للبادي في زمن الغلاء شيئا يحتاج إليه أهل البلد فهذا مذكور في كتب الحنفية.
(٤) تقدم ذكر هذه الشروط. انظر " الفتح " (٤/ ٣٧١).
" المغني " (٦/ ٣٠٨).