للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقول: - وبالله الثقة، وعليه التوكل، ومنه الإعانة في جميع الأمور -: إن قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: " فإن اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم "الإشارة فيه بقوله هذه الأصناف إلى الأصناف المذكورة في أول الحديث (١) وهي: الذهب، والبر، والشعير، والتمر، والملح.

فالمعنى فإذا اختلفت (٢) هذه الأصناف في ذات بينها بأن وجد أحدها مقابلا لصنف يخالفه فيصدق على الذهب في مقابلة الفضة وفى مقابلة البر، وفى مقابلة الشعير، وفى مقابلة التمر، وفى مقابلة الملح، وهكذا يصدق على الفضة في مقابلة الذهب، والبر والتمر والملح، وهكذا يصدق على كل واحد من البر، والشعير، والتمر، والملح إذا وقع في مقابلة ما يخالفه من هذه الأجناس أنه قد وقع الاختلاف [الذي] (٣) أشار إليه في


(١) فهذه الأعيان المنصوص عليها يثبت الربا فيها بالنص والإجماع.
واختلف أهل العلم فيما سواها، فحكي عن طاوس وقتادة أنهما قصرا الربا عليهما، وقالا: لا يجري في غيرها. وبه قال داود ونفاه القياس.
وقالوا ما عداها على أصل الإباحة لقوله تعالى: [وأحل الله البيع] [البقرة: ٢٧٥] واتفق القائلون بالقياس على ثبوت الربا فيها بعلة، وأنه يثبت في كل ما وجدت عليه علتها، لأن القياس دليل شرعي، فيجب استخراج علة هذا الحكم، وأثباته في كل وجدت علته فيه. وقوله تعالى: {وحرم الربا} [البقرة: ٢٧٥] يقتضي تحريم كل زيادة، إذ الربا في اللغة الزيادة إلا ما أجمعنا على تخصيصه.
انظر: " المغني " (٦/ ٥٤)، " الحاوي " (٦/ ٩٢ - ٩٣)، " الأم " (٦/ ٥٢ - ٥٣).
(٢) اتفق أهل العلم على أن ربا الفضل لا يجري إلا في الجنس الواحد إلا سعيد بن جبير، فإنه قال: كل شيئين يتقارب الانتفاع بهما لا يجوز بيع أحدهما متفاضلا. كالحنطة والشعير، والتمر بالزبيب والذرة بالدخن، لأنهما يتقارب نفعهما، فجريا مجرى نوعي جنس واحد وهذا يخالف قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بيعوا الذهب بالفضة كيف شئتم يدا بيد، وبيعوا البر بالتمر كيف شئتم " فلا يعول عليه - أي قول سعيد بن جبير -.
انظر: "المغني " (٦/ ٥٤). " المجموع " للنووي (٩/ ٤٠١).
(٣) في المخطوط (التي) والصواب ما أثبتناه.