كالذهب بالفضة، فإنهم موزونان، والبر بالشعير، فإنهما مكيلان ونحو ذلك.
ولا يعقل التفاضل مع الاختلاف جنسا وتقديرا، كالذهب بالبر، والشعير والفضة بهما، ونحو ذلك فيجاب عن ذلك بأن غاية ما فيه دعوى تخصيص الكلام النبوي بالعقل، وهذا إنما يتم إذا كان العمل بما يقتضيه الدليل ممتنعا عقلا كما هو مقرر في مواطنه، وليس ما نحن فيه من هذا القبيل، فإن التفاضل معقول لو كانت النقود مثلا تكال، أو الطعام يوزن، ولو في بعض الأزمان. وعلى بعض الأحوال، وفى بعض الأمكنة. وقد كان هذا. فإن كتب التاريخ مصرحة بأن النقود في بعض الأمكنة تكال، والطعام في كثير من البلدان يوزن، وأيضا قد يبلغ ثمن الطعام إلى مقدار من الدراهم كثير عند شدة الغلاء، بحيث يعقل أن يقال: الطعام أكثر من الدراهم، فتقرر بهذا بطلان ما ادعوه من التخصيص بالعقل، لأنه إذا أمكن القدح ولو بوجبة بعيد في دعوى التخصيص بالعقل لم تتم دعوى من ادعى التخصيص بالعقل كما هو مقرر في مواطنه.
وأما ما يقال من أن في ذلك حرجا ومشقة فيقال لهذا القائل: ما وجه تخصيصك للحرج والمشقة بالمختلفين في الجنس والتقدير دون المختلفين في الجنس المتفقين في التقدير؟ فإن الكل مستو في ذلك، مثلا من أراد أن يشتري برا بشعير متفاضلا واجب عليه مع التفاضل التقابض كما يجب على من أن أراد أن يشتري برا بدراهم. ثم هذه المشقة المدعاة، والحرج الموهوم مندفع بأن يأخذ المشتري شيئا من المتاع فيرهنه عند البائع حتى يأتي بما عليه، فهل في هذا حرج يقبله ذهن من يفهم الحقائق، ويتعقل الحجج، ويعرف مواقع الكلام! نعم قد ادعى مدع أنه وقع .................