للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضمد (١) من أعظم ما تعم به البلوى، ومن أقوى سبب لاستهلاك أموال أهل الأسباب، الناشئ عن الحيل من القاصرين في الفتوى، وكيفية المسألة المذكورة أنه يأتي البائع الأزمان ودون الثمن في النادر، إذا كانت تلك الجهة خصبة، أو نحو ذلك، فيبيع منه الأرض المذكورة بالثمن المذكور، ثم بعد ذلك يلتزم المشتري للبائع بالفسخ مدة معلومة، إن وفر فيها مثل الثمن فسخ له. وهذا الالتزام قد كان يواظب عليه، ثم هذا الصنع قد صار معروفا عندهم، مشهورا عند العامة والخاصة، ويطلقون عليه اصطلاحا أنه الرهن المرفع، وتارة بيع الأجل، وحينا بيع الالتزام، وعند قيام النزاع يجتمعون على تسمية بيع رجا؛ وهو المعبر به في مجالس الحكام، والمترجم عنه بكل خصام، فإذا مضت تلك المدة المضروبة للفسخ، ولما يوفر البائع الثمن بقى يتربص الحيل، ويتطلب الفتاوى في بيع الأجل. والناس فريقان: فريق متى يحصل له الثمر بعد المدة طالب المشترى برد المبيع.

وفريق يلبث مدة يقدر فيها أن المشتري قد حصل من الثمار ما يقوم بالثمن، فيطالب المشتري، ويدعي عليه عند آحاد الحكام، أنه باع أرضه بدون ثمنها رغبة في الالتزام لما باعها بدون ذلك، ويورد على ذلك شهودا، وبعد ذلك يبادر الحاكم إلى الحكم ببطلان البيع، ويلزم المشترى قبول الثمن إن لم يكن قد استعد، وإن كان قد استعد


(١) بلدة غامرة مشهورة في وادي ضمد الذي سميت باسمه - أي ضمد بن يزيد بن الحارث بن علة بن جلد ابن مدحج.
تقع في الشمال الشرقي من جيزان حاضرة المخلاف السليماني اليوم وقد طغى على البلدة القديمة مبان حديثة اتسعت على ما كانت عليه وقيل: ضمد وصداد بلدان من مدحج.
قال ياقوت الحموي في " معجم البلدان: " الضمد: موقع بناحية اليمن، بين اليمن ومكة على الطريق التهامي ".
انظر: " النهاية " لابن كثير (٣/ ٩٩)، هجر العلم ومعاقله " (٣/ ١٢١٠ - ١٢١١).