للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حسبت عليه الغلال، وقطع له منه قدر الثمن، وما فضل سلمه إلى البائع، ويتصرف المشتري لاثمنا ولا أرضا، أو يتصرف بالثمن بعد أن عانا (١) في تسليمه يوم البيع، وباع من سلعة الغالي بالداني، لاكتساب الأرض، ولولا طرو هذا اليوم لما باع سلعة بالرخص وسلم أثمانها، وإذا هو ممدوح من البائع، مغشوش غشا ظاهرا إذا دخل عليه الغبن والمحاسدة في السلعة التي كان باعها.

وإذا سئل الحاكم عن الموجب للحكم في هذا الأمر، بهذه الصفة يقول: قال في شرح الأثمار (٢): مسألة: ولا يصح، ولا يجوز بيع الرجا؛ إذ هو يتوصل به إلى تحليل الربا المحرم، لأن المشتري لا يشتري بدون الثمن للغلة، ولا يجعل مقابضة نقص الثمر إلا هذه المدة المضروبة هو مضمر للربا، والمضمر في باب الربا كالمظهر، هكذا لفظه أو معناه، فيقال له من أين عرفت أن المشتري لا يريد إلا محض الغلة؟ فيقول: عرفناه من حال الناس ومحبتهم لإدخال الكسب من أي وجه، فيقال له: إرادته لمحض الغلة من أين دخولها في الربا؛ إذ الغلة لم تكن موجودة حال البيع حتى أنه شملها عقد البيع، بل هذا باع أرضه خالية من الثمار، وما تحصل الثمرة إلا وقد ملكها المشتري؟.

فإن قال: لم يشتر إلا قاصدا للغلة، ولم يقابل الغلة شيء من الثمن.

نقول: أما مقابلة ففيه ما قدمنا من أنه لم يشملها البيع لعدم وجوده حاله، وأما قصد الغلة فإن أردت مطلق الغلة فمنقوص بما هو معلوم عند المشترين في جميع البلدان، في كل الأعصار، لكل الأعيان أنه يشتري العين إلا لأجل الغلة، وهي معظم المقصود، على أن عدم صلاحية الأرض للاستغلال عيب موجب فسخ المبيع ورده.

فإذا تقرر هذا علمت أن اللغة هي المقصود الأهم، ولا قائل بعدم صحة مطلق البيع مع إرادة مطلق الغلة، وإن أردت الغلة الحاصلة في مدة الالتزام فنقول: لا يخلو إما أن


(١) غير واضح في المخطوط.
(٢) انظر " مؤلفات الزيدية " (٢/ ١٢٧ - ١٢٨) وقد تقدم.