للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكون البيع يختار، فالفوائد له استقر له الملك من بائع، أو مشتر وإن كان بالتزام بالإقالة (١) فيجري فيه أحكام الإقالة من أن الفوائد للمشتري، ويبقى للصلاح بلا أجرة كما هو معروف؛ إذ المقيد إنما هو منفصل بإرجاع المبيع وهذا مثله.

فإن قلت: المشتري هنا بدون الثمن قاصد للتوصل إلى الغلة.

نقول: والمشتري بالثمن الوافي قاصد التوصل إلى الغلة، فما هو الفرق؟.

فإن قلت: الفارق نقصان الثمن.

قلت: فأنت تجعل نقصان الثمن إنما هو مقابل للمدة فهو أجنبي عن قصد الغلة، فحينئذ لا تقوم لك حجة وكون المبيع وقع بدون الثمن لا يقدح في صحته؛ إذ هو صادق عليه وصف التراضي (٢)، فهذا البيع وقع بتراض، وما وقع بتراض صحيح، فهذا البيع صحيح. أما الصغرى فالمشاهدة، وأما الكبرى فنص الكتاب، ثم المدة التي تفضل بها المشتري على البائع، هي جاريه مجري التفضل والإحسان ربما يثاب عليها؛ إذ هو التزم بالإقالة، والإقالة محصلة للثواب، بل ربما يصرح بالإقالة، بل هو الواقع أنه يصرح بلفظ القبح والإقالة مشروطا بتوفر الثمن، فالالتزام بهذه الصفة إقالة، والإقالة محصلة للثواب (٣)،


(١) أقاله: أي وافقه على نقض البيع وأجابه إليه.
يقال: أقاله يقيله إقالة، وتقايلا إذا فسخا البيع، وعاد المبيع إلى مالكه والثمن إلى المشتري، إذا كان قد ندم أحدهما أو كلاهما، وتكون الإقالة في البيع والعهد. "
النهاية " (٤/ ١٣٤).
(٢) قال تعالى: {تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ} [النساء: ٢٩].
(٣) أخرج أحمد في " زوائد المسند " (٢/ ٢٥٢) وأبو داود رقم (٣٤٦٠) وابن ماجه رقم (٢١٩٩) والحاكم (٢/ ٤٥) والبيهقي (٦/ ٢٧) وأبو نعيم في " الحلية " (٦/ ٣٤٥) وابن حبان رقم (١١٠٣، ١١٠٤ - موارد).
من حديث أبي هريرة بلفظ: " من أقال مسلما أقاله الله عثرته " وفى لفظ: " من أقال نادما بيعته أقاله الله عثرته " وعند بعضهم: " من أقال مسلما عثرته أقاله الله يوم القيامة ".
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وهو حديث صحيح.