للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يحاسبه الله في سريرته، ومن أظهر لنا سوءا لم نأمنه، ولم نصدقه، وإن قال سريرته حسنة.

ورواه أحمد في مسنده (١) مطولا، وأبو داود مختصرا (٢)، وهو من رواية أبي فراس (٣) عن عمر قال أبو زرعة: لا أعرفه ولكنه قد عرفه مثل البخاري، فروي عنه ذلك في صحيحه تعليقا (٤). ومن الشواهد أيضًا حديث أن العباس قال: يا رسول الله لقد كنت مكرها - يعني يوم بدر - فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: " أما ظاهرك فكان علينا، وأما سريرتك فإلى الله ".

ومنه حديث (٥) معاتبته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لأسامة بن زيد لما قتل كافرا بعد أن قال لا إله إلا الله، ظنا منه أنه قالها تقية فما زال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يكرر عليه: " كيف قتلته وقد قال لا إله إلا الله! " أو " فما تصنع بلا إله إلا الله! " وهو يقول: إنما قالها يا رسول الله تقية. فلم يسمع ذلك منه، ولا جعله عذرا له حتى تمنى أسامة أنه لم يسلم إلا في ذلك الوقت.

ووقع في بعض الروايات أنه لما قال له أسامة: إنما قالها تقية قال له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: " أفتشت عن قلبه " أو كما قال. ومن ذلك قضية خالد في قتله لبني جذيمة بعد أن أظهروا الإسلام، فتأول خالد في قتلهم، فلم يرض ذلك صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قال: " اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد، ووادهم " وهذه الأحاديث (٦) موجودة في


(١) انظر " فتح الباري " (٥/ ٢٥١ - ٢٥٢).
(٢) تقدم مرارا.
(٣) عزاه بن حجر في " الفتح " (٥/ ٢٥١) إلى الحاكم من رواية أبي فراس عن عمر: كنا نعرفكم إذ كان فينا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإذا الوحي ينزل وإذ يأتينا من أخباركم ".
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) تقدم ذكرها مرارا.
(٦) تقدم ذكرها مرارا.