للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المستل بما وقع في الأحاديث من لفظ: " إذا بعت " (١)، ولفظ: " البيعان بالخيار " (٢)، ونحو قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} (٣) لازم باطل بالإجماع، وهو أنه لا ينعقد البيع بشيء من الألفاظ غير تلك الصيغ، مع أنهم مصرحون بأنه ينعقد بكل لفظ يفيد التمليك؛ وذلك هو أعم من الألفاظ الواردة في الأدلة، فإن كان ذلك بطريق إلحاق ما لم يذكر منها بما ذكره فقد عرف النكتة في الاقتصار على تلك الألفاظ، وهي غير موجودة في كل لفظ يفيد التمليك، فهو إلحاق مع وجود الفارق، ووجوده مانع كما تقرر في الأصول.

ولو سلمنا صحة الإلحاق فإن كان الجامع هو الإشعار بالرضي بالانتقال، فما وجه الاختصار على لفظ يقتضي التمليك، وجعله شرطا من القادر، فإن المشعرات أعم منه، وإن كان الجامع ما هو أخص من الإشعار بالرضى فما هو، وما الدليل عليه بعد دلالة الدليل على خلافه؟ وأما الاستدلال على العقد واشتراطه بالنهي عن بيع الجاهلية كالمنابذة (٤) والحصاة (٥) كما ذكر صاحب البحر فيجاب عنه بأن النهي عن بيع مخصوص من بيوعات الجاهلية، أو عن مطلق بيع الجاهلية لا يستلزم صحة صورة مخصوصة دون غيرها، بل غاية ما يلزم من ذلك تجنب تلك الصورة المخصوصة، أو مطلق الصور التي كانت تبايع بالجاهلية، ويتعين بعد ذلك المصير إلى البيع الثابت بالشرع، ولم يأت في الشرع ما يدل على اعتبار أمر زائد على الرضي، وصدور بعض المشعرات به من الشارع في تصرفاته، أو تعليماته للأمة ما يدل على أنه الفظ الذي لا يجوز غيره بإجماع من يعتد به من علماء الأصول، فالحق ما ذهب إليه أبو حنيفة (٦) من عدم اعتبار العقد،


(١) تقدم تخريجه.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) [البقرة: ٢٧٥].
(٤) تقدم تعريفهما.
(٥) تقدم تعريفهما.
(٦) انظر " الهداية " للمرغيناني (٣/ ٢١).