للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووافقه على ذلك جماعة من الفحول.

ولا جائز أن يكون المانع المدعي راجعا إلى البائع والمشتري، أو إلى أحدهما، لأن المفروض في صورة السؤال أنهما مكلفان مختاران مالكان لما تصرفا به. ولا جائز أن يكون المانع راجعا إلى المبيع، لأن المفروض في تلك الصورة أنه عين يجوز التصرف فيها بالبيع ظاهرة حلال مقبوضة، موجودة، معلومة، متعرية عن سائر الأوصاف المنهي عنها، ولا جائز أن يكون ذلك المانع في الثمن، لأن المفروض في محل النزاع أنه ثمن يصبح تملكه، ووقع به التراضي بين البائع والمشتري. ودعوى البائع أنه دون ثمن المثل لا يأتي بفائدة، لإجماع المسلمين على أنه يصح البيع بدون ثمن المثلي مع التراضي عليه.

وقد تقرر أنه لا غبن على مكلف، فيقال للبائع عند صدور هذه الدعوى منه: نعم بعت يا مسكين بدون ثمن المثل، فكان ماذا، وأقررت على نفسك أنك حططت ذلك المقدار القاصر عن ثمن المثل لغرض الإمهال من المشتري، والالتزام بالفسخ عند عودة الثمن والمشتري قد وفى بما تريد، وانقضت تلك المدة المتواطأ عليها، فأين أنت قبل انقضائها، وكيف طلبت الآن ما ليس لك، وفى الصيف ضيعت اللبن؟.

وإن كان المانع المدعي يرجع إلى شرط الإقالة فقد قررنا فيما سلف أنها نوع من خيار الشرط، وهو مجمع على صحته. قال في البحر (١): فصل وخيار الشرط مشروع إجماعا لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ لحبان: " لك الخيار ثلاثا " (٢) انتهي. هذا ثابت في الصحيحين (٣) من حديث ابن عمر وفى السنن الأربع (٤) وأحمد من حديث أنس، وصححه الترمذي، وفى تاريخ البخاري وسنن الدارقطني، ومسند الحميدي من حديث ابن عمر أيضا.


(١) (٣/ ٣٤٧).
(٢) تقدم تخريجه في الرسالة (١١٠).
(٣) تقدم تخريجه في الرسالة (١١٠).
(٤) تقدم تخريجه.