للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الملغي (١)، ولم نسمع عن عالم من علماء الاجتهاد أنه يسوغ هذه الحدود، بل جميع من مال إلى تسويغها مقلدة مع أن محققيهم ينكرون ذلك كما روي عن المفتي والقاضي عامر الذماري، والسيد أحمد بن علي الشامي.

الوجه الثاني: أنه قد ثبت عنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النهي عن منع الكلأ، فأخرج ابن ماجه (٢) بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قال: "لا يمنع الماءوالنار والكلأ".

وأخرج الشيخان (٣) وغيرهما (٤) من حديثه أيا عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قال: "لا تمنعوا فضل الماء لتمنعوا به الكلأ" فنهاهم عن منع فضل الماء (٥) لتوصلهم


(١) في "السنن" (٢٤٧٣) وهو حديث صحيح.
(٢) في "السنن" (٢٤٧٣) وهو حديث صحيح.
(٣) البخاري في صحيحه رقم (٢٣٥٣) ومسلم رقم (٣٦/ ١٥٦٦).
(٤) كأحمد (٢/ ٢٤٤) والترمذي رقم (١٢٧٢) وابن ماجه رقم (٢٤٧٨).
(٥) قال القرطبي في "المفهم" (٤/ ٤٤٢): "لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ" وفي لفظ "لا يبع" فمعناه أن الإنسان السابق للماء الذي في الفيافي إذا منعه من الماشية فقد منع الكلأ وهو العشب الذي حول ذلك الماء من المرعى، لأن البهائم لا ترعى إلا بعد أن تشرب، وهذه اللام سماها النحويون لام كي فهي لبيان العاقبة، والمآل كما قال تعالى: {فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا} [القصص: ٨] وهذا الحديث يفيد النهي عن بيع الكلأ، وهو حجة لمالك في القول بسد الذرائع ... "