للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يسقون منه مواشيهم فتعدت أخرى على الأخرى برعي ما اختصت به الأخرى، وسقى مائهم، وتركوا ما لديهم من الماء والعشب لوقت آخرهم إليه أحوج، ويمنعون أهل القرية الأخرى من الوصول إلى مراعيهم والسقي من مائهم. فهذا وقع.

وقد قسمت الحدود فكيف مع الشياع! وقد قرر ما وقع من عليه الاعتماد في تقرير ما حكم به الدولة القاسمية، والمتوكلية، والمؤيدية. وفي عصرهم من الأعلام من يمكنهم الحل والعقد والإبرام، وما ذكره المجيب ـ رحمه الله ـ من كلام السيد المفتي والشامي والقاضي عامر فهو الحق، فكيف وقع منهم التكلم قبل أن يشاهدوا الفساد الحاصل في هذا الزمن! والشريعة كما ذكرناه إنما مبناها على ما فيه المصالح ودفع المفاسد. انظر كيف حرم الشارع الربا (١)، ورخص رخصة العرايا (٢) للحاجة! وكيف منه بيع المعدوم (٣) وأجاز السلم للحاجة (٤) وحرم أكل الأموال بالباطل إلا أن يكون عن تجارة بتراض (٥)، وأجاز أخذ الشفعة (٦) كرها، ووجب الحد على قذفه عائشة ـ رضي الله


(١) تقدم ذكره. انظر الرسالة رقم (١١٤).
(٢) أخرج البخاري في صحيحه رقم (٢١٩٢) من حديث زيد بن ثابت قال: "أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رخص في بيع العرايا أن تباع بخرصها كيلا".
(٣) وهو حديث ضعيف. وقد تقدم.
قال الشوكاني في "وبل الغمام" (٢/ ١٢٩): روي الإجماع على معنى الحديث فشد ذلك من عضده لأنه صار متلقي القبول ويؤيده النهي عن بيع الملاقيح والمضامين وحبل الحبلة، لأن العلة في ذلك هي كونه بيع معدوم.
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٢٢٤٠، ٢٢٤١) ومسلم رقم (١٢٧/ ١٦٠) من حديث ابن عباس قال: "قدم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين فقال: "من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلومٌ".
(٥) لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٩].
(٦) انظر الرسالة رقم (١١٦).