كذلك؛ فإن الذي ذكرناه هو المنعُ من الاستدلال بأفعال الله في عباده، من سلب النفوسِ وأخْذِ الأموال، وإنزالِ الجوائحِ، فلا يقول قائل من البشر أنه يجوز له سفك الدماء، لأن الله ـ سبحانه ـ يميتُ العبادَ، ولا يقول: إنه يجوزُ له أخْذُ الأموال، لأنه الله تعالى يسلُبهم أموالَهم، والآية المذكورةُ هي خطابٌ من الله لطائفةٍ من عباده المقربينَ، وليس كلامُنا في أقواله سبحانه، فهي نفسُ الشرعِ، إنما كلامُنا في أفعاله فَوِزَانُ الآية التي ذكرها الشرفيُّ وزانُ قوله تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ}(١) ففي هذه الآية أمر البشرَ باتباع نبيِّهِ، وفي تلك الآية أمر الملائكة بالسجود لنبيهِ، فما بال الشرفي يسلك في فجاجِ لم أسلكْها، ويمشي في أودية لم أمشِ فيها، ويجعل ذلك اعتراضًا على ما ليس بينَه وبين الاعتراض جامعٌ! فليعدِ النظر ـ عافاه الله ـ فشرطُ التعقُّبِ للمباحث [١٠أ] إمعانُ النظر في الكلام المتعقبِ وتفهُّم معانيهِ، وتدبُّرِ مبانيه.
ثم إيرادُ ما يمكن أن يكونَ مستندًا له والقدحُ فيه بقادحٍ معتبرٍ، وأما المبادرةُ بالاعتراض قبل الإحاطة بمعاني المعترضِ عليه فليست مما يسوّغُهُ أهل النظرِ، ولهذا عدُّوا السقطة من المعترض غير مُغْتَفَرةٍ، واغتفروها من غير المعترض، لأن القدح في الكلام والإيراد عليه محتاجٌ إلى إثبات قدَمٍ، ومراجعةِ فكرٍ. ومثل الآية التي ذكرها ـ عافاه الله ـ