للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الآيةُ الأخرى، وهي قوله: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ} (١) فإن ذلك غيرُ ما نحن بصدده وكذلك قولُه: {فَعَقَرُوا النَّاقَةَ} (٢).

وبالجملة، فجميعُ ما ذكره في وادٍ غيرِ الوادي الذي نحن بصدده، فليعِدِ النظر ـ عافاه الله ـ في رسالتنا إن كانت لديه، وإلاَّ بعثنا بها؛ فهو أجلُّ من أن يتكلَّم بما لا نسبةَ بينَه وبين ما فيه النزاعُ.

قوله: وكما تعرَّضَتِ الملائكةُ بقولهم: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا} (٣).

أقولُ: الذي نحن بصدد بيانه هو منعُ الاقتداء بأفعال الله، فيقول في مثل هذه الآيةِ: يجوزُ للرجلِ أن يجعلَ له أعوانًا يفسدونَ في الأرض، ويسفكون الدماء تمسُّكًا بهذه الآية، ولسنا بصدد الكلام على غيرِ ذلك. وسؤالُ الملائكةِ لم يقعْ على وجه مطابقٍ، بل تعرَّضوا لما لا يعينهم، لأنه تعالى: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ} (٤) ولهذا أجاب عليهم بما يشعرُ بنسبتِهم إلى الجهلِ في الأمر الذي سألوا عنه، وما ذكره عقبَ ذلك من أدلةِ ما أرشدْنا إليه [١٠ب].

قولُه: والتفسيرُ الذي ذكره أنَّها محمولةٌ على تركِ الأسبابِ لم أجده، إلاَّ أن الذي في الكشاف (٥) أنَّ المراد إقرارُ [المنكر] (٦) هو مندرجٌ تحت ما ذكرناه، لأن إقرارَ المنكر هو من الأسباب الموجبةِ للفتنِ، فتركُ الإقرارِ لهم بطردهم فيه تركُ سببِ الفتنةِ،


(١) [البقرة: ٢٤٧].
(٢) [الأعراف: ٧٧].
(٣) [البقرة: ٣١].
(٤) [الأنبياء: ٢٩].
(٥) (٢/ ٥٧١).
(٦) في "المخطوط" [المشركين] وما أثبتناه من الكشاف.