للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتمسَّكوا بما وقع في بعض الروايات عن ابن عمرَ. وممن ذهب هذا القول أحمدُ بن حنبل (١).

هذا وأنت خبيرٌ بأن القولَ الأول أعني: اختيارَ المنع مطلقًا يدفعُهُ موتُ رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ وهو معاملٌ لأهل خيبرَ، وكذلك الصحابةُ والتابعون كما سبق، وتأويلاتُهم [٢أ] تلك المعاملَة بأن الأرض مملوكةٌ لرسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وأهلُها عبيدُه (٢)، والذي أخذوه طُعْمَةً لا أجرةً، أو بأن الأرض مملوكةٌ لهم، والذي أخذه رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ جزيةٌ (٣) لا أجرةٌ، أو بأن المعاملة كانت مساقاةً على النخيل والبياضِ المتحلِّلِ بين الأرض كان يسيرًا فتقع المزارعة تِبْعًا.


(١) قال ابن قدامة في "المغني" (٧/ ٥٦٦): ظاهر المذهب أنَّ المزارعة إنَّما تصحُّ إذا كان البذر من ربِّ الأرض، والمل من العامل نص عليه أحمد في رواية جماعةٍ، واختاره عامةُ الأصحاب، وهو مذهب ابن سيرين، والشافعيُّ، وإسحاقِ، لأنَّه يشترك العامل وربُّ المال في نمائه، فوجب أن يكون رأس المال كلُّه من عند أحدهما كالمساقاة والمضاربة.
(٢) قال الماوردي في "الحاوي" (٩/ ١٦٢): أنَّ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صالحهم على إقرار الأرض، والنَّخل معهم، وضمَّنهم شطر الثمرة وصلح العبيد وتضمينهم لا يجوز. -
وأن عمر رضي الله عنه أجلاهم عن الحجاز وإجلاء عبيد المسلمين لا يجوز. -
أنهم لو كانوا عبيدًا لتعين مالكوهم، ولاقتسموا رقابهم، فأما صفية، فإنها كانت من الذرية دون المقاتلة.
(٣) قال والجواب على أن الأرض والنخل كانت باقية على أملاكهم، وإنّما شرط عليهم شطر ثمارهم جزية وجهين:
١ - ما روي أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ملك أرضهم وكلّ صفراء وبيضاء.
أخرجه داود رقم (٣٤١٠، ٣٤١١، ٣٤١٢).
ألا ترى أنَّ عمر قال: يا رسول الله إنِّي ملكت مائة سهم من خيبر وهو مالٌ لم أصبت قط مثله، وقد أحببت أن أتقرَّب إلى الله تعالى به فقال له النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حبِّس الأصلَ وسهِّل الثَّمرة".
أخرجه البخاري في صحيحه رقم (٢٧٣٧) ومسلم رقم (١٦٣٢).
٢ - أن عمر رضي الله عنه أجلاهم عنها ولا يجوز أن يجليهم عن أملاكهم.