للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للمساقاة، كلُّها مُتَعَسَّفَةٌ متناقضةٌ، ودعوى النسخ باطلةٌ (١) لموته ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ على تلك المعاملة ودعوى الاختصاص برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تكَلُّفٌ يدفعُه عملُ الصحابة والتابعينَ بذلك في عصره ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ، وبعد موته، وهم أجلُّ من أن يَخْفَى عليهم مثلُ ذلك.

وبحديث معاذٍ (٢) السابق وغيره.

وأما القول: أعني الجوازَ مطلقًا فغيرُ مرضيٍّ، لأنَّ من جملة وقع إطلاق لفظ المخابرة عليه بيعُ الكدسِ بكذا وكذا، كما وقع في تفسير جابر في بعض الروايات، واشتراط ما يخرج من بعض الأرض كما وقع في حديث رافع (٣)، وبما على السواقي وما يصيبُه الماء كما وقع في حديث سعد بن أبي وقاص (٤)، وبما على الماذيانات وأَقْبالِ الجداولِ كما وقع في حديث رافع أيضًا، بالنصف والثلثِ والرُّبُعِ كما وقع في حديث جابر. وفعله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ في أراضي عُمدة أهل هذا القول في الجواز لا يدلُّ إلاَّ على جواز التأجير بالشطر ونحوه كما وقع روايات الجماعة كلهم، ولم ينقل أنَّه عاملهم بشيء مما وقع في تلك الأحاديث التي صرَّحت بالمنع، حتى تثبت المعارضة، والترجيح فهو من باب الاستدال بالأخصِّ على جميع أفراد الأعمِّ، وهو باطلٌ.

وأما القولُ الثالثُ: أعني المنع إذا شرط صاحب (٥) الأرض شرطًا يستلزمُ الغررَ والجهالةَ، والجوازُ فيما عدا ذلك ففيه أنه لا يتمُّ إلاَّ إذا لم يردِ النَّهيُ عن المعلوم، وهو غير مسلَّم لما في حديث رافع في بعض رواياته قال: قال رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ: "من كانت له أرضٌ فليزرعْها، أو ليُزْرِعْها أخاه، ولا يُكْرِهَا بالثلثِ، ولا


(١) انظر "فتح الباري" (٥/ ١١ - ١٢)، "المفهم" (٤/ ٤١٩).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) انظر "المغني" (٧/ ٥٦٦).