للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالربعِ، ولا بطعام مسمَّى" رواه الحازميُّ في "الاعتبار" (١)، ولما في حديث جابرٍ السابق قال: كان لرجالٍِ منَّا فضولُ أرضينَ فقالوا: نؤاجِرُها بالثلثِ أو الربعِ أو النصفِ؟ فقال رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ: "من كانت له أرضٌ فليزرعها، أو لِيَمْنَحْهَا أخاه، ولا يُؤاجِرْها إياه ولا يُكْرِها" أخرجه الشيخان (٢) والنَّسائي (٣). وفيه أيضًا أنه يلزمُهم صِحَّةُ المزارعةِ على ما خرج من مكان من الأرض معلومٍ غيرِ مجهولٍ لعدم حصولِ الغررِ والجهالةِ.

وأما القول الرابعُ: أعني المنعَ إن كانت المعاملة بنصيب مجهولٍ، والجواز إن كانت بمعلوم فَيُدْفَعُ بما دُفِعَ بهِ [٢ب] القولُ الثالثُ.

وأما القول الخامسُ: أعني المنعَ من المخابرة إن فُسِّرتْ ببعِ الكدسِ بكذا وكذا استدلالاً بما وقع في بعض الروايات عن جابر كما سبق تحكُّمٌ لا يرضاه منصفٌ. والعجبُ من ميل الجلالِ (٤) إلى هذا القولِ، وهذا جابرُ بنُ عبد الله نفسُه قد فسَّرها بالثلثِ والربعِ، كما أخرجه الجماعةُ (٥) عنه، وفسَّرها بالأرض البيضاء يدفعها الرجلُ إلى الرجل فينفقُ فيها ثم يأخذُ من الثمرة كما أخرجه عنه الشيخان (٦)، فإن رجعَ إلى الترجيح في تفاسير جابرٍ على انفرادِها فما أخرجه الجماعةُ أولى مما أخرجه واحدٌ منهم، كيف والأحاديثُ طافحةٌ بتحريم أنحاء مختلفةٍ من المزارعة كما سبق سَرْدُ بعضٍ منها، ولم يعارِضْها معارضٌ.


(١) (ص٤١٧).
وأخرجه مسلم في صحيحه رقم (١١٣/ ١٥٤٨) وأبو داود رقم (٣٣٩٥) والنسائي (٧/ ٤١ وابن ماجه رقم (٢٤٦٥). وهو حديث صحيح.
(٢) البخاري ومسلم رقم (١٥٣٦).
(٣) في "السنن" (٧/ ٣٧).
(٤): في "ضوء النهار" (٣/ ١٥٢١).
(٥) تقدم تخريجه.
(٦) تقدم تخريجه.