للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للمسلمينَ فيما بينهم في أرضٍ ملكتْ بأي نوع من التملُّكاتِ إنما يكون بطريقِ الإلحاقِ والقياسِ، وهو ما يسميهِ الأصوليون قياسًا في معنى الأصلِ (١)، وقياسًا بالفارق، فيكونُ قياسًا في مقابلةِ النصِّ (٢). ولا يخفى بطلانُهُ.

فإنْ قلتَ: ليس الحجّةُ في هذا المقامِ فعلُه، بل الحجةُ تقريرُه لما وقع من بعضِ الصحابةِ من مثلِ ذلك الفعلِ.

قلتُ: هذا مع كونه لم يُسْتَنَدْ إليهِ في مقامِ الاستدلالِ لا يَتِمُّ المطلوبُ، لأنه يكونُ ذلكَ التقريرُ على القول بحجيّته تخصيصًا لعمومِ النهي عن المخابرة لأولئك الذين قرَّرَهُم. وأما غيرُهم ففيه أنه قال العلامةُ ابنُ الإمام في بحثِ التخصيص بالتقرير ما صورتُه: فإذا قَدَر واحدٌ من المكلّفينَ على خلافِ مقتضَى العامّ كان مخصِّصًا له عند الأكثرينَ، وإذا ثبتَ الجوازُ في حقّ ذلك الواحد، فإنْ تبيَّنَ معنى هو العلةُ لتقريرِه الحقّ بهِ مشاركةً في ذلك المعنى، إما بالقياس، وإما بنحوٍ حكميٍّ على الواحدِ (٣)، حكميّ على الجماعة إن


(١) واعملوا أنهم جعلوا القياس من أصله ينقسم من أصله ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
أ - قياس علة: وهو صُرِّح فيه بالعلة كما يقال في النبيذ: إنّه مسكرٌ فيحرم كالخمر.
ب- وقياس دلالة: وهو أن لا يذكر فيه العلّة بل وصف ملازم لها كما لو عُلّل في قياس النبيذ على الخمر برائحة المُشتدّ.
جـ- قياس في معنى الأصل: هو أن يجمع بين الأصل والفرع بنفي الفارق. وهو تنقيح المناط وهو إلحاق الفرع بالأصل بإلغاء الفارق بأن يقال لا فرق بين الأصل والفرع إلا كذا وذلك لا مدخل له في الحكم البتة فيلزم اشتراكهما في الحمك لاشتراكهما في الموجب له. كقياس الأمة على العبد في السِّراية فإنه لا فارق بينهما إلا الذكورة وهو ملغي بالإجماع، إذ لا مدخل له في العلية.
قال الغزالي في "المستصفى" (٣/ ٤٨٨)، "المحصول" (٥/ ٢٣١)، "الكوكب المنير" (٤/ ١٩٩).
(٢) انظر التعليقة السابقة.
(٣) تقدم تخريجه.