فنقول: في القسمة الصحيحة هذه قسمةٌ، وكل قسمةٍ مشروعةٍ لدفع الضرار فهذه مشروعةٌ لدفع الضرار، وكل مشروع لدفع الضرار ثابتٌ في الشريعة فهذه ثابتة في الشريعة، وكل ثابت في الشريعة صحيح فهذه صحيحة.
ونقولُ في القسمة التي لم يندفع بها الضرار: هذه قسمة لم يندفع بها الضرار، وكل قسمةٍ لم يندفع بها الضرار غير شرعية، فهذه قسمة غيرُ شرعية، وكل قسمة غير شرعية باطلةٌ فهذه قسمةٌ باطلةٌ.
وأدلة هذه المقدمات مسلمة عند المتشرع، فإذا لم يندفع الضرارُ بقسمة الشيء المشترك على المواريث فقد تعذّرت فيه القسمةُ الشرعية على الوجه الذي يريدُه كل واحد من الشركاء، وهو أن يتعين له ينصيبه في المشترك، وإذا تعذّرت القسمةُ على هذا الوجه وجب المصير إلى وجهٍ آخر يندفعُ به الضِّرار، وهو أن يبيعَ بعض الشركاء من بعض، أو يهب له، أو يناقِلَه، ولا مانع من أن يسمَّى ذلك قسمةً شرعيةً، لأنه قد انتفع كلُّ شريك بنصيبه، واندفع عنهم الضرارُ، بل لو قال قائلٌ أن لا قسمةَ [٥ب] شرعيةً في ذلك المشتركِ الذي يستلزمُ تقسيطَه بين جميعِ الشركاء وجودُ الضرارِ إلاَّ هذه القسمة التي لا يندفعُ الضرار إلا بها لم يكن ذلك بعيدًا من الصواب، ولا يقدح في هذا ما يقال من أنه يمكنُ دفعُ الضرار بالمهاياة، والمهاياةُ قسمةٌ شرعية كما صرح به القرآن الكريم في قوله تعالى:{لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ}(١) لأنا نقول: المفروضُ أنه لم يحصل التراضي على قسمة المهاياة، أو كان الضرارُ موجودًا معَها، وذلك إذا كان بعضُ الشركاء لا يجدُ مثلاً مسكَنًا يسكُنه في نوبةِ شريكِه، أو كان محتاجًا إلى بيعِ نصيبِه للانتفاع به في سد جوْعَتِه، أو سَتْرِ عورتِه، أو نحو ذلك.
وأما قوله ـ كثر الله فوائده ـ: وأما الساكنُ فمن حيث كونُ خروجِه من ملكِه يضرُّ