للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به ... إلخ.

فنقول: لا ضرار على من باع نصيبَه بقيمته، ولو كان ذلك ضرارًا لكان كل بيع ونحوُه ضرارًا، وإنما الضرارُ على من يريدُ أن ينتفعَ بنصيبه في حاجةٍ من حوائجه الماسة فقيل له: لا سبيل لك إلى ذلك، ولا تجدُ منه فرجًا ولا مخرجًا، بل اتركُهُ مَحْبسًا، واسكُنُه شئتَ أم أبيت، واصبر على الضَّرر رضيتَ أم كرهتَ.

وأما ما أورده ـ كثر الله فوائده ـ من أدلة اعتبار التراضي وطيبة النفس.

فنقول: ذلك مُسَلَّمٌ، ولكن المفروضَ هنا أنه قد حدثَ بين الشريكين ما يقتضي الضرارَ، وقد قدمنا تحريرَ الأدلة وتقريرَ وجه الدلالة على أن ذلك مسوغٌ للإجبار على البيع، أو المناقلة، أو نحوهما؛ فهذه الأدلةُ مقيِّدةٌ لأدلةِ التراضي [٦أ]، وطيبةُ النفس إن كانت مطلقةً أو مخصِّصَةً لها إن كانت عامَّةً كما أن الأدلة الواردة في بيع (١) مال المديون، وفي بيوت الشفعةِ (٢) والقِسامةِ (٣)، ونحوِ ذلك مقيدةٌ أو مخصصةٌ لأدلة التراضي، وطيبةِ النفسِ بلا خلافٍ بين أهل العلم.

وأما ما ذكره ـ كثر الله فوائده ـ: من استشكال أمره ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ بقطع النخل، وهل هو من باب إبطال الملكِ والإهدار له؟ أم ماذا وقع؟.

فنقول: بل أتلفَ نخلَهُ بالقطعِ عقوبةً له، وأبطل ملكَه، وهذا حكمٌ ثبتَ لنا عن الذي جاءنا بالصلاة، والزكاة، والحجّ، والصيام، وسائر الفرائض الشرعية، وكان علينا قبولُه، والإذعانُ له، والسكوتُ عنده، وما أحقَّ من سعى في ضرار جاره، وضمَّ الغليظة! وليس مثلُ هذا ببدعٍ في الشريعة الغرَّاء، ولا هو بمستنكرٍ، فقد شُرِعَ لنا أخذُ


(١) تقدم ذكره.
(٢) انظر الرسالة (١١٦).
(٣) انظر "المغني" (٧/ ٤٦ - ٤٧).