للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأصل المذكور.

أقول: إنْ كان هذا الرجلُ الذي صار التقديمُ والتأخيرُ بيده مفوَّضًا من شركائه، وكانوا مكلَّفين، والمرادُ بالتفويض هنا أن يظهرَ منهم ما يدلُّ على أنهم قد ألقَوْا مقاليدَ أمرِهم، ووجوهَ تصرفاتِهم مدخولاً ومخروجًا إليه من قولٍ أو فعلٍ، وارتَضَوْهُ لتدبير دنياهم، ولم يعارضوه في شيء من ذلك كما يقعُ كثيرًا من أهل بيت [١أ] لمن هو الأرشدُ منهم، ولم يكن ذلك الرضى والتفويضُ لرهْبةٍ، ولا لشيء من الأمور التي تخالفُ الرضى المحققَ، والتفويضَ الخالصَ فلا شكَّ ولا ريبَ أنَّ من كان بهذه المثابةِ يكون تصرُّفُهُ بما تصرَّفَ به من أموال شركائهِ المكلّفين صحيحًا ناجزًا بموجب التفويض الذي هو مناطٌ شرعيٌّ لإشعاره بالرِّضى، بما وقع منه من التصرفات، وهذا الرضى هو المناطُ المعتبرُ في الكتاب والسنة في تحليل بعض أموال العبادِ لبعض، وإذا كان مجرّدُ الوكالةِ للأجنبيِّ مناطًا شرعيًا في نفوذ تصرُّفاته فبالأولى أن يكون التفويضُ للقريب المشارك مناطًا شرعًا، فإذا وقع من هذا الشريكِ المفوِّضِ رهنُ شيء مما هو مشتركٌ بينَه وبين شركائِهِ المكلّفين فقد صح ونَفَذَ وثبتتْ له أحكامُ الرَّهن، وليس لواحد منهم أن يقولَ بعد ذلك ما أذنتُ، أو ما رضيتُ، أو نحوَ ذلك.

وأما إذا لم يكنْ ذلك المتصرِّفُ بهذه المثابةِ، بل كان كلُّ واحدة من شركائه مستقِلاًّ بالتصرُّفِ بماله، أو كان المتصرِّف واحدًا منهم، ولكن لا على طريق التفويضِ، بل لا يتصرفُ في شيء إلاَّ بإذنهم ورضائِهم، ولا يستبدُّ بأمر دونَهم، فإذا كان هذا هو المعروفَ من حالهم، ووقع منه التصرفُ ببعض الأعيان المشتركة برهنٍ أو غيرِه،