طعامًا مأدومًا من إحدى الطائفتين يحنثُ بما يُسَمَّى إدامًا عند الطائفة الأخرى، وهذا أمرٌ يستغني عن الإيضاح، ولا يحتاجُ إلى البيان.
ولكنا أردنا بمثل هذه التكريرات والترديدات اشتراكَ المقصِّرِ والكاملِ في الانتفاع بمثل هذ البحث، لكثرة ورود هذه الشركة العرفية في هذه الأزمنة، فالإمام شرفُ الدين أجلُّ قدرًا، وأعلى محلاً أن يقولَ بأصله الرضى في مثل ذلك، أو يحكمَ بِعُرف يخالفه، فليس لأحد أني قول في قضيةٍ اختصمَ فيها جماعةٌ بينهم شركةٌ عرفيةٌ لم يثبتْ بينهم فيها تراضٍ، ولا جرت فيها أعرافٌ أنه قال الإمامُ شرف الدين كذا، ومن قال ذلك فهو لا يفهم كيفيةَ التقليد، فضلاً عن أن يكون مفتيًا أو قاضيًا، بل لا يفهم كلامَ أهلَ العلم.
فإن قلتَ: قدر أشار صاحبُ الكلام السابقِ بأنه يمكن أن يحتجَّ لما ذكره من التسويةِ بين المشركين شركةً عرفيةً بقصةِ الرجلينِ المشركينِ على عهد رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ فكان أحدهما مواظبًا على السوق والتجارة، والآخرُ مواظبًا على المسجد في الصلاة، فلما كان وقتُ قسمةِ الربح قال صاحب السوق: فضِّلْني في الربح، فإني كنت مواظبًا على التجارة فقال النبي ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ـ:"إنما كنتَ تُرْزَقُ بمواظبة صاحبك على المسجد"(١).
فيقال للمستدلّ بهذا الحديثِ: أخبرنا ما هذه الشركةُ التي دخلَ فيها هذان الرجلان؟. إن قلت: هي الشركةُ العرفيةُ التي كلامنا الآن فيها طالبناك بالدليل على ذلك، فإن هذه الشركةَ العرفيةَ لم يسمعْ بها الموجودونَ قبل القرن العاشرِ، فضلاً عن أن يسمعَ بها [٥ب] أهلُ عصرِ النبوَّة.
وإن قلتَ: إنها شركة من شرك المكاسبِ المعروفةِ، وليست بالشركة العرفية فهذا لا